اثبت الدستور التونسي مرة أخرى انه الاقوى على ساحة هشة، وأن الذين هندسوه سنوات الترويكا وتوجوه سنة 2014 كانوا فعلا قدموا الى تونس هدية فاخرة سيكون لها ما بعدها، وفعلا كان لها الدور الكبير في مختلف المحطات وخاصة خلال الرجّات الكبرى والامتحانات العسيرة على غرار وفاة الرئيس والشغور والفشل في تمرير حكومة الجملي وغيرها من المحطات التي وسوس فيها الشيطان للشخصيات النافذة ومراكز القوى وأحدثت فيها الأحزاب فتدخل الدستور لضبط الإيقاع.
نجح الدستور كما نجح الرئيس قيس سعيد في تقديم مقاربة منطقية أظهر من خلالها أنه يؤمن بالتدرج والتوازنات المخدوشة لحساب تأمين الاستراتيجي، وإذا ما ابتعدنا عن حمل الثورة الكاذب الذي اتضح بطلانه منذ طفحت التصريحات عقب ظهور نتائج سبر الآراء،
وإذا اعتبرنا ان السيستام سقط بالصناديق وان الخيار الثوري سقط سويعات بعد سقوط السيستام حين أقدمت العديد من الشخصيات على تلك التصريحات السوداء ليلة السقوط المزدوج "سيستام - قوى ثورية وشِبه ثورية وشُبهة ثورية"،
إذا استحضرنا كل ذلك فإنه يسعنا تحسين قِبلة قيس التي استقبلها وإقرار الفخفاخ كمنتوج واقعي ولد على أثر عركة طبابلية، كان يترقبهم الشعب لتحقيق أهداف الثورة كاملة غير منقوصة، "فبوزوا" له العرس وسرقوا له مقتنيات العروس وروعوا الحضور.
إذًا نجح قيس حين رفض مرشح السيستام المنهار بفعل الصناديق، ونجح أخرى حين رفض مرشح الثورية المنهارة بفعل"الشْباط الثوري"، وذهب إلى شخصية غير معنية لا بالسيستام ولا بالثورة والثورية، لقد اختار الرئيس القادم من وراء 2011 بيد بريئة من التجمع وافعاله واخرى نظيفة من النضال وثورته، اختار قيس شخصية تشبهه، لا هي قاتلت في خنادق الثوار ولا هي مشت مع القوادة ولا اكلت على موائد سلطة نوفمبر الغاشمة.