وصل صباح يوم السبت 20 جوان 2020 فائز السراج إلى مطار هواري بومدين الدولي بالجزائر العاصمة، وكان في استقبال رئيس المجلس الرئاسي الليبي، الوزير الأول الجزائري عبد العزيز جراد ووزير الخارجية صبري بوقادوم ووزير الداخلية كمال بلجود. وأكدت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبد المجيد تبون استقبل السبت رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج.
ولا شك أن الطقم الوزاري الرفيع والسيادي الذي استقل السراج "أول – خارجية - داخلية" يعكس إصرار الجزائر على الذهاب بعيدا في الملف الليبي عبر بوابة طرابلس.
ثم أن استقبال السراج يأتي أياما بعد إعطاء الجيش الجزائري موافقته على تعديلات دستورية تبيح له التحرك خارج حدود بلاده، ما يعني أن صناع القرار في الجزائر يسابقون الزمن من أجل الدخول بقوة في الملف الليبي، ولعب الأدوار الأولى وليست الثانوية.
وإذا ما صحت التسريبات التي تتحدث عن زيارة قريبة سيقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون الى انقرة، وكذا عن اللجنة المشتركة بين البلدين التي تعمل بعيدا عن الأضواء، فذلك يعني أننا أمام تطورات كبيرة سيشهدها الملف الليبي في قادم الأشهر، وأن الجار الغربي لتونس سوف يغادر مربع التحفظ على مساحات الفعل! والفعل بقوة.
تونس تتعرض إلى الخيانة من الداخل..
يملك زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي علاقة وصاية مع المتمرد خليفة حفتر ويدعم ميليشياته ومن معها من مرتزقة، ويؤمن السيسي كل الحدود المصرية مع ليبيا بطول 1049 كم وبعمق لا يقل عن 1000 كم. فيما يعتبر خليفه حفتر شخصية خارجة على القانون الليبي والدولي، لكنها تسنده الكثير من الدول خدمة لأهدافها الاستراتيجية أو الاقتصادية. ويمثل حفتر الثورة المضادة في ليبيا، كما يمثل السيسي الثورة المضادة في مصر، وكلاهما لا يخفي عداوته لــ25 يناير و 17 فبراير.
رغم ذلك أعلن السيسي في خطاب مباشر لا يحتمل التأويل، عن استعداد الجيش المصري لدخول الحرب إذا ما تحررت سرت والجفرة، واعتبر الجفرة وسرت بمثابة العمق الاستراتيجي الذي يدخل ضمن اهتمامات الأمن القومي المصري. ومباشرة بعد خطابه تحول الإعلام المصري الى خلية تضخ بلكنة واحدة وتستدعي الخبراء للحديث عن سرت والجفرة والأمن القومي المصري.
ذاك السيسي الذي تناغم مع وظيفته كمسؤول أول عن الثورة المضادة في مصر، فربط علاقة مع المسؤول الأول عن الثورة المضادة في ليبيا، الذي يسيطر بدوره على شرق ليبيا المحاذي لمصر.
*جيد!! وماذا عن تونس؟!
من المفروض ان تحافظ الثورة التونسية على مصالحها بالتحالف مع الثورة الليبية ضد الثورة المضادة، وبمساعدة حليفها على تأمين حدوده الغربية المحاذية لتونس، الأصل أن تفعل تونس ذلك وفق قدراتها وامكانياتها وبطريقة مدروسة.
لكن ما راعنا الا والكثير من المنتسبين لتونس، يساعدون السيسي في الحفاظ على أمن مصر القومي، ويسعون الى الوقيعة بيننا وبين جيراننا من راس الجدير الى ما بعد ترهونة، ثم ولما حاول رئيس البرلمان تقديم إشارات إيجابية للجار الليبي الذي يتحرك في العاصمة طرابلس وفق الشرعية الدولية، ثارت ثائرة حراس السيسي وحفتر ، وتأثر الرئيس التونسي بتلك الهرسلة، ولم يكتف بالتراجع بل شرع في ضخ سلسلة من الرسائل السلبية تجاه مبادرة رئيس البرلمان، فعل ذلك انطلاقا من الثكنات في بدعة غير مسبوقة في تونس.
إذا ووفق الكثير من النخب السياسية والاجتماعية والإعلامية والثقافية في تونس، فإن الجفرة وسرت من صميم الأمن القومي المصري، وأن رأس الجدير يتبع دولة شقيقة لا يجب التدخل في شؤونها!!!!! إنهم يبيعون تونس، انهم يعملون لصالح تمدد الثورة المضادة وصولا الى ما بعد حدودنا.. إنهم خونة جدا وكثيرا وبرشا…
*الخلاصة
تقول نخب الدمار الشامل في تونس أنه من حق الثورة المضادة في مصر تأمين عمقها الاستراتيجي الذي يقارب 1000 كم، وأنه ليس من حق الثورة التونسية مهاتفة الرئيس الشرعي لليبيا فائز السرّاج، ولا دخل لها بقاعدة الوطية التي تبعد عن بلادنا 27 كم!