بعد 9 سنوات من الثّورة، وبعد 9 سنوات من رحيل بن علي، وبعد 9 سنوات من رحيل عبد السّلام جراد "النّقابي" الذي حوّل اتحاد بن عاشور وحشّاد وعاشور إلى شعبة كبيرة من شُعب التجمّع، بعد 9 سنوات من حكم المؤسّسات والشراكة، يطالب الاتحاد في نسخته الطبوبيّة رسميّا بالعودة إلى النّظام الرّئاسي! وينخرط في مشروع الرّئيس من أجل تكديس الصلاحيّات للرّئيس لعلّ وعسى يتمكّن الرّئيس من المساعدة في المعركة الدّامية التي تترقّب فرقاء البطحاء من أجل الفوز بمنصب الرئيس برتبة أمين عام.
التحق الاتحاد العامّ التونسي للشغل نسخة الطبوبي والمباركي والطاهري بالدّعوة التي تزعّمتها فاطمة المسدي ووفاء الشّاذلي وعماد بن حليمة وقفراش وبقيّة الماعون الإماراتي الذي يدعو إلى استفتاء شعبي يسبقه إسقاط المجلس التشريعي وإسقاط الحكومة والإبقاء على الفخّفاخ! وقيس سعيّد، هذا إضافة إلى بعض الكُتيلات النخبويّة والحزبيّة التي تترقب وجهة المعركة فإن مالت إلى الخراب التحقت وإن انتصرت الثّورة واستقام الأمر إلى مفخرة الانتقال الديمقراطي كما دوما، كشّرت هذه الكتيلات عن زعافها وصرخت في مجمع الثّوار، وسحبت منهم الثورية ولبستها بلا خجل ولا وجل.
بعد 9 سنوات شدّهم الحنين إلى الزّعيم الأوحد، الفاتق النّاطق، والرأس الواحد والفكرة الواحدة والسّلطة الواحدة، فبلا رأس واحد يقدّمون له الخدمات ويقدّم لهم الضمانات والتطمينات، ستطالهم يد الدولة وتنبش المؤسّسات أرقامهم الخاملة ويعرّي القضاء ما سترته مقاسم قرطاج.. بعد 9 سنوات من فشل الثّورة المضادّة في الإطاحة بتجربة الشراكة الوطنيّة، وعزوف العسكر عن المؤامرات، كان لا بدّ من حسابات كارثيّة تشرف عليها قوى الأدلجة المسرطنة داخل مقرّ العمّال المسروق، ولمّا لم تنفع الصناديق ولا الثّكنات نفعت!ّ
ولا كلّ التحرّكات، أصبح الترتيب للانقلابات يمرّ عبر فجوات الدّستور، تلك الانقلابات الناعمة المنشودة والمفقودة التي دشّنتها بعض قوى العبوديّة لمّا أصرّت على لي عنق نتائج 2019 التشريعيّة وانحرفت بها إلى تفريعة دستوريّة أطلقت عليها حكومة الرّئيس، ثمّ قادت عبير موسي مجهودات كبيرة لنخر المجلس، ثمّ تقدّمت فاطمة المسدي وأخذت المشعل، ليتبعها صناديد البطحاء..
حتى عصابات الأحلام الواهية التي تتجمّع تباعا لاعتصام الأرز 2 ، نشرت على صفحاتها تبارك وتبشّر بخبر يؤكّد قبول الاتحاد بالانخراط في حماقاتهم، واعتبروا ذلك نوعا من الدّعم الكفيل بقلب الموازين، لقد فرحوا بمدد الطبوبي كما لم يفرح المسلمون بمدد عمر بن الخطّاب إلى خالد بن الوليد في ملحمة القادسيّة..
لَصوت الطبوبي في المعركة خير من ألف فارس! أو هكذا يقول لسان حال فاطمة المسدي، فيردّ عليها بن حليمة: أيّ وشرفـــــــي… حينها يهتزّ قبر الزّعيم حشّاد من هول الفضائح التي ارتكبتها وترتكبها البطحاء منذ استباحتها الأسراب الجراديّة.