اعتقد فعلا ان اكثر من يتحدثون عن تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2019 لم يطلعوا عليه بشكل دقيق ولذلك صرحت اليوم لجريدة الصباح انه :
أولا يتضح من تقرير محكمة المحاسبات أنها عبرت عن شكوك و أثارت شبهات حول وجود تمويل أجنبي، ولكنها لم تتوصل إلى يقين نظرا لصعوبة ذلك فهي لا تملك في كثير من الأحيان المعطيات والإثباتات الكافية حتى تتوصل إلى يقين حول تحصل مترشح للانتخابات الرئاسية أو أية قائمة في التشريعية على تمويل أجنبي او غيرها من الجرائم المتعلقة بموارد الحملة الانتخابية .
وعلى هذا الأساس أحالت أكثر من 30 ملفا على أنظار النيابة العمومية لدى القضاء العدلي المختص، في شهري جانفي وفيفري 2021، تعلقت بشبهات جرائم انتخابية ( شبهات لا أكثر) ، على غرار الإشهار السياسي والتمويلات غير المشروعة حتى يبت القضاء في شان هذه الملفات.
كما تجدر الإشارة إلى ما جاء في تقرير دائرة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019 من محدودية منظومة الرقابة على التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية . فالبنك المركزي بحسب ما ذكره التقرير في الصفحة 24 لا يمسك سجلات حول الحسابات التي تفتحها البنوك لفائدة حرفائها وقد أكد البنك في التقرير نفسه انه لا وجود لأية أحكام تجيز له أو تفرض عليه مسك مثل هذا السجل وبالتالي لا يمكن أن تتوفر لديه معلومات حول حسابات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لدى البنوك سوى بصفة عرضية " و بناء على هذا لا نعتقد انه كان ممكنا في ظل المعطيات المتوفرة لدى محكمة المحاسبات وهي معطيات تحتاج إلى حجج وإثباتات والى منظومة قانونية أن تطبق الفصل 163 من قانون الانتخاب والاستفتاء الذي يسمح لها بإسقاط قائمات انتخابية او يؤدي الى معاقبة المترشح للانتخابات الرئاسية العقوبة المنصوص عليها بالفصل المذكور وهي 5 سنوات سجنا .
وان مطالبتها بذلك بعيدا عن تحميل المسؤولية لكل الأطراف المتدخلة مثل البنك المركزي والبريد التونسي و اللجنة التونسية للتحاليل المالية ووزارة المالية والقطب القضائي المالي هو موقف سياسي ولا صلة له بالقانون ولذلك فان مطالبة محكمة المحاسبات بتطبيق الفصل 163 من القانون الانتخابي في غياب يقين لدى المحكمة بوجود تمويل مخالف للقانون وفي ظل غياب حكم قضائي بات هو من قبيل تصفية الحساب السياسي مع خصوم سياسيين خاصة إذا أدت هذه المطالبة إلى استعمال رئيس الجمهورية لمرسوم لإسقاط هذه القائمات .. مع ما يمكن أن يقود إليه هذا من صراعات سياسية وحزبية ستعمق المشكل أكثر و قد تقود البلاد إلى مهاوي الفتنة.