لم اشاهد يوما في حياتي عرضا من نوع ال « وان مان شو » ربما لعدم اقتناعي انه عمل له صلة له بالمسرح كعمل درامي جماعي فيه حرفية و صنعة وحوار حقيقي بين شخصيات مختلفة متناقضة و متصارعة …
ما قاله الجمهور امس عن عرض لمين النهدي يلخص احترازي على هذه « البدعة « التي تسمى «وان مان شو » والتي انتشرت في العشر سنوات الاخيرة وربما قبلها حتى كادت تلغي بقية الاجناس الاخرى .
قد يكون من المتسرع القول بانها اعمال لا يبررها غير الكسل والافلاس الفني . غير ان ميل كثير من الفنانين اليها وعزوفهم عن غيرها من الاجناس وكثرتها يطرح اسئلة جدية حول علاقتها بالعمل الدرامي .
تلازمني وربما تلازم كثيرا من المولعين بالمسرح وغير المقتنعين بالعرض بممثل وحيد حتى ولو كان يجسد شخصيات متنوعة تلك الاسئلة التي لم تجد الى حد الان اجوبة شافية بعد اخضاع هذا النوع من العمل الفني الى الدراسة العلمية المتأنية رغم كثرة الندوات حوله .
– مدى ارتباط هذا الجنس بجوهر الدراما الذي يعتبر الصراع عبر اصوات متنوعة « حقيقية » جوهرها ؟
–هل يتأسس هذا العرض على نص درامي مكتوب ؟ أم يقوم على ارتجال ممثل لا غاية له غير الاضحاك ؟
هل انتحر لمين النهدي ليلة امس في مسرح قرطاج ؟
ما وقع ليلة امس في مسرح قرطاج يعزز لدي كل شكوكي حول جنس ال « وان مان شو » فقد غادر جمهور الأمين النهدي في سهرة الجمعة 29 جويلية 2022، مسرحية « نموت عليك » أقل من ساعة بعد بداية العرض بمسرح قرطاج.
وكان كثير من المتفرجين في فيديوات نشرت بعد العرض قد عبر عن خيبة امله من العرض الذي كان ضعيفا .واعتبر اخرون ان لمين انتهى فنيا وانه من صالحه البقاء في منزله.
وفي تعليق غاضب اعتبر احد المتفرجين الذين غادروا العرض بعد اقل من ساعة من بدايته ان لمين النهدي اراد ان يتحدث عن الانتحار، ولكنه انتحر هو نفسه عبر مسرحية مفككة رديئة بنص لا يضحك ولا يشد الانتباه وهو يحتوي على كلام يمكن ان تستمع اليه في اي مكان في الشارع او في المقاهي او في اي مكان اخر.
وفي تعليق اخر قال متفرج ان الحديث عن السلفيين والاسلام السياسي صار موضوعا ممجوجا وكره التونسيون الاستماع اليه .
هذا رايي تقريبا في جملة الاعمال التي توضع تحت جنس «عرض الشخص الواحد» وهي في اكثر الاحيان لا تبغي غير اضحاك جمهور جاء ليتسلى ويضحك لسبب وغير سبب واذا لم يجد غير ذلك غضب وتمرد .. لم يأت أغلبه ليفكر ولو قليلا.
ولم يصدر عن لمين النهدي بعد العرض اي تعليق «على الفشل » الذي عرفته مسرحيته غير انه من غير المستبعد ان تضع سهرة ليلة امس حدا لتجربة ثرية عاشت على مدى عشرات السنوات ربما لتنهي يوما نهاية حزينة ما كان لها ان تكون.