“ذكر النحل لا ينتج العسل ولو كان حجمه أكبر من الأنثى “
للتونسي ( أو ربما عموم المتقاضين في كثير من البلدان حتى الراسخة قدمها في الديمقراطية ) مع القضاء قصة طريفة تثيرني ضحكي دائما.
- اذا حكم القضاء ضد المتقاضي فهو غير مستقل ، مسيس ، غير عادل ، فاسد … وبيه وعليه... وزيدو هاك الحكاية التي جاءتنا بعد الثورة متاع قضاء البحيري ، وهذه ( Made in Tunisia ) علامة مسجلة وموال يردده الكثيرون في بلاهة... وقليل منهم قادر على اثبات صحة ما يقول . قليل من السذج الواقعين تحت قصف الاعلام يدري انه لا حقيقة دون حجة . ولكن تسير الامور عندنا بشكل مقلوب اذ يصبح الاتهام حجة وتمسي االحجة مجرد الاتهام …فقد يكون البحيري مورطا في كل المصائب والرزايا التي نعلمها او نجهلها، ولكن تلك تهم يثبتها القضاء لا ثرثرة المواقع الرثة ولا طنين الاذاعات وراء مصادحها ببغاوات مدربة على ترديد نفس اللحن الخارج عن العقل الرصين والميزان االسوي.. متى نعلم التونسي في مدارسنا ومنابرنا ان الحقيقة تتميز عن الإعتقاد الشخصي بإعتبارها مبرّرةً وتعتمد على البراهين أولاً،لا على القيل والقال ؟
- اذا حكم لفائدته فهو عادل ، مستقل ، نزيه ، نظيف ، عفيف وعال العال وزيدو موال يا ليلي يا عيني متاع “القضاء بدأ يتعافى من قضاء البحيري “.
في كل الحالات هناك دائما من يعتقد ان القضاء مستقل وهناك من يرى دائما انه غير مستقل بحسب المصلحة والحاجة والحكم له او ضده.
غير ان من يقول الشىء او يقول عكسه فلا احد منهما يطلع على حيثيات المحكمة ولا منهجية تعليل القاضي لحكمه ..وهب انه اطلع فلا نعتقد انه قادر على الفهم لشدة تعقيدات الكتابة القانونية التي لا يفهمها عادة غير المختصين وهم اساتذة القانون و خاصة المحامون غير أن الوكلاء لا يختلفون كثيرا عن موكليهم من المقاضين غير المختصين فهم ايضا يقيمون احكام القضاء في كثير من الحالات جهرا او سرا بحسب المصلحة والحاجة ونوعية الحكم.. هل كان لفائدة منوبهم او العكس.
شخصيا لا ادري اذا كان قضاؤنا مستقلا او تابعا كل ما اعرفه انه لا يمكن ان يكون القضاء مستقلا في بلاد تحكمها سلطة فاسدة لان فساد القضاء بعض من فسادها … ولذلك فان من يحلمون بقضاء نزيه في نظام مستبد كمن يطلب العسل من دبر الفرززو …لكن المساكين لا ينالهم من الذكر غير لسعه ..
نصيحة بالمجان
اخيرا اذا كنت من المعارضين النقابيين بدعوى ان القيادة النقابية انقلبت على قانونها الاساسي بالدعوة الى مؤتمر استثنائي غير انتخابي لا وجود له لا في واقع الممارسة النقابية ولا في قوانين المنظمة وانت تناصر انقلابا سياسيا على دستور البلاد فاعلم ان الحقيقة واحدة وان المبادئ لا تتجزأ .. فمن يقبل الخروج عن دستور صنعه مجلس تأسيسي منتخب ويغني ل 25 جويلية غناء جميلا فمن الهزل ان يدافع عن القانون أيا كان هذا القانون سواء يعني الاتحاد او يعني اي قطاع او اي مجال اخر
هل مازال للحديث مجال أو معنى ؟
لن اعلق على الحكم الصادر يوم الخميس 13 اكتوبر 2022 بنقض الحكم الابتدائي المتعلق بإبطال اشغال المجلس الوطني المنعقد في اوت 2020 والداعي الى المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي المنعقد في سوسة في 2021 والذي عدل القانون الاساسي و أساسا الفصل عشرين ومكن 5 اعضاء من المكتب التنفيذي الحالي من البقاء في القيادة اكثر من دورتين لأني لم اعد ارى اية فائدة في ذلك.. فاذا قلت ان القضاء كان عادلا حسبني البعض على القيادة واذا قلت انه لم يكن عادلا حسبني البعض على المعارضة النقابية .
سؤال أخير يؤرقني منذ 25 جويلية وحتى قبله .
هل مازال يعني شيئا ان نقول ان القضاء مستقل او غير مستقل .؟.لقد صار الامر سواء مادام القضاء يعطي العسل كالنحل لمن يشاء ويلسع كالفرززو من يشاء بحسب الاوامر الصادرة من اميرة النحل او أميرها بواسطة الرقص على فصول القانون او بواسطة الاخبار التي تحملها اسلاك التأويل بحسب الحاجة او مصدر الحيلة ليتطابق مع المطلوب ..
لم يعد ما يصدره القضاء حول قضية الاتحاد يعنيني …فلي مشاعل اخرى غير الحديث عن العسل يخرج من دبر الفرززو….فاعذروني ….