كنت اعتقد دائما ولا أزال أن رابح الخرايفي المحامي لدى التعقيب ( لا أدري إذا كان يمارس مهنة التدريس في احدي كليات الحقوق ) متحيل على القانون .. كتبت فيه مرارا وتكرارا لأنبه الى ضعفه القانوني والى وصوليته وانتهازيته ..استمعت إليه بالأمس 6 ماي 2022 في قناة الجزيرة ..لا يزال الرجل ( يا ويلتي ! ) يتحدث عن الفصل 80 وعن التدابير الاستثنائية على اعتبار أن ما فعله ويفعله قيس سعيد يدخل تحت طائلة هذا الفصل . ادعى الخرايفي في مداخلته أيضا أن هناك خلافا داخل الاتحاد بين الطبوبي والطاهري .حول الموقف من الحوار الذي يقترحه قيس سعيد ..لا يعنيني موقفه من الاتحاد ..فما على سامي الطاهري الا أن يرد عليه .
وفي كل الحالات لا اعتقد ان الخرايفي يفهم من الاتحاد شيئا فلا صله له بالمنظمة الشغيلة ولا بالتناقضات الممكنة التي تشقها كل ما في الأمر انه يتعمد التهوين من موقف الاتحاد الأخير الرافض للحوار بالشكل الذي يقترحه الرئيس خدمة لغرضه السياسي المدافع عن الانقلاب .
أتفهم تماما موقف الجزيرة التي تلتزم بكثير من المهنية وتخرج الرجل لضرورات العمل الصحفي والتوازن في المواقف المختلفة، ولكن رغم ذلك ندمت على سماعه لأنه نغص عليّ الليلة بكاملها.
لقد كان الخرايفي منخرطا دائما في السياسة الحزبية في السنوات » العشر السوداء » التي يسبها هو وغيره وكان جزءا من المشهد السياسي … وحتى لا ننسى الماضي القريب جدا فقد ارتبط اسمه شخصيا برسالة المناشدة التي نشرها عدد من الجامعيين والمثقفين لمساندة المرشح للرئاسية يوسف الشاهد في الانتخابات الأخيرة سنة 2019 ( اكثرهم صاروا اليوم مناصرين لقيس سعيد بعد ان كتبوا فيه وقتها قصائد هجاء ) بل اكثر من ذلك فقد برع في الدفاع عن سيده وقتها بنفس الأسلوب الذي يدافع فيه عن قيس سعيد ، اسلوب يكشف عن ضعفه وتهافت حججه وافكاره.
فقد نشرت اذاعة « اكسبراس أف أم »حديثا ادلى به في أحد برامجها إبان الحملة الانتخابية في 2019 قال فيه أنّ الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات ادخلت البلاد في « مازق قانوني ودستوري » بقبولها ترشّح شخص صدرت ضدّه بطاقة ايداع بالسّجن « ( يقصد نبيل القروي ) و تحدّث بصيغة الجمع قائلا » طلبنا قانونيا بانّ لا يدرج اسمه في قائمة المترشحين بناء على ان القانون الانتخابي جاء فيه ان الهيئة تسهر على نزاهة الانتخابات » وتساءل في صيغة إنكارية : » كيف تفهم هيئة الانتخابات النزاهة في مترشح صدرت ضدّه بطاقة إيداع بالسجن… فالإيداع بالسجن ضارب للنزاهة ؟
لقد ناقشناه في وقته وكان نقاشنا غايته الكشف عن ضعف هذا الرجل وعن تبعيته لأسياده، لا للدفاع عن هذا او ذاك و كان نقاشنا القانوني يتعلق بشروط التّرشح للرئاسية المنصوص عليها حصريا بالقانون الانتخابي وتخصّ العمر(35 سنة) والدين (الإسلام) والتزكية والتعهد بالتخلي عن الجنسية الأجنبية عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية ولكن أول هذه الشروط أن يكون المترشّح ناخبة او ناخبا تونسي الجنسية و قد عرّف الفصل 5 من هذا القانون الناخب بانه كل تونسي أو تونسية مرسم في سجل الناخبين عمره 18 سنة كاملة في اليوم السابق للاقتراع ومتمتّع بحقوقه المدنية والسياسية وغير مشمول بايّ صورة من صور الحرمان المنصوص عليها بهذا القانون و ينص الفصل 6 من القانون الانتخابي على انه لا يرسم بسجل الناخبين الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة تكميلية على معنى الفصل 5 من المجلة الجزائية تحرمهم من ممارسة حق الانتخاب الى حين استرجاع حقوقهم علما وانّ بطاقة الايداع بالسجن لا تفقد المواطن صفة الناخب .
وأما عبارة النّزاهة الواردة بالفصل 2 من القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات فينطبق مدلولها على سير العملية الانتخابية إذ يمارس المواطن حقه بحرية ودون ضغط مادي أو معنوي فلا تتعرض نتائج الاقتراع إلى التلاعب أو التدليس بل تكون متطابقة تماما مع إرادة الناخب أيا كانت هذه الإرادة بالإضافة إلى كل صلاحيات الهيئة المتعلقة بنزاهة العملية الانتخابية برمتها منذ بدء الفترة الانتخابية وصولا الى تصريح بالنتائج الأولية ثم الرد على الطعون إن وجدت لدى المحكمة الإدارية في طوري التقاضي وصولا الى التصريح بالنتائج النهائية . وهكذا تكون النتائج المعلن عنها تعبيرا صادقا عمّا وضع المواطن في الصندوق .
لقد أضاف رابح الخرايفي شرط حرمان من الترشح لم ينصّ عليه القانون وسمح لنفسه أن يطعن ولو بشكل ضمني في عمل هيئة الانتخابات لأنّها لم تستجب لطلبه غير القانوني ولأنها احترمت القانون …للأستاذ الحق في أن يساند من يشاء، ولكن ليس من حقه أن يقرأ النص القانوني مثلما يفعل الآن مناصرا الانقلاب او مثلما فعل في الماضي طاعنا في الانتخابات بما يوافق هواه.
أساتذة القانون مهما كانت توجهاتهم محكمون في نظرنا في كلامهم وتصريحاتهم بشرط مهني واخلاقي يلزمهم بالا يحولوا « معرفتهم القانونية» إلى وسيلة للتحيّل على القانون والتهجم على الغير ومخادعة عامة الناس.
لماذا لا يتغير رابح الخرايفي ويظل خادما لهذا أو ذاك بلا معرفة ولا علم ولا ضمير. لا اجد من جواب غير الحسرة على مستوى محكمة التعقيب التي ينتسب إليها هذا الرجل وعلى الجامعة إذا كان الخرايفي أستاذا من أساتذتها بصفة دائمة أو عرضية.