هذا التقرير يدعي انه موضوعي رغم أن صاحبه منخرط في الدفاع عن الحرية وهي أغلى القيم عنده . ; هو يقبل أي نقد أو مراجعة ممن حضروا اليوم في شارع الحبيب بورقيبة أما من لم يحضروا ويسمحون لأنفسهم بنقد ما كتبت فلا يعنيني أمرهم .
قال لنا بعض كهان الاستبداد ومرتزقته أن قيس سعيد حين سمح بالوقفة الأخيرة منذ 15 يوما فانه دليل على انه ليس الحاكم الاستبدادي كما يقدمه للناس كثير من بقايا المنظومة الفاسدة وانه سيستفيد من هذه الوقفة لأنه سيكذب مزاعم منتقديه بأنه دكتاتور …
كم أنا حزين من اجل هؤلاء الذين لم يقرؤوا حرفا واحدا يتعلق بنظام الاستبداد . كم أنا حزين من اجل مثقف يخون رسالته التعليمية والتنويرية لينتصر إلى الجهل والغوغائية .
ماذا حدث اليوم ؟
التحقت بالمظاهرة أتيا من جهة الساعة الكبيرة الى نصب ابن خلدون. اتفقت مع مجموعة من الرفاق ان نلتقي في مقهى المسرح البلدي المحاذي لمدارج المسرح. منعت من الدخول على مستوى مقهى شار ع باريس . حاولت الدخول إلى مدارج المسرح من جهة اخرى دخولا إلى الشارع من نهج هولاندا اولا ثم من نهج اليونان ثم من شارع قرطاج اصطدمت بعون امن في شارع اليونان منعني من الدخول. حاولت ان أناقشه اجتمع علي أعوان كثيرون بالزى المدني شرسون يكلمونني بلغة يا حاج دون أي احترام لا للحجاج ولا لغيرهم .
كنت انوي إن أشارك في الوقفة كمناضل، ولكن وجدت انه من الأفضل أن أكون صحفيا ملاحظا . عدت أدراجي في اتجاه الساعة غير ان الاغلاق اشتد مع الوقت . حاولت الدخول الى الشارع مرة اخرى من نهج 18 جانفي قرب نزل افريقيا ..الشارع مغلق عدت في اتجاه شارع قرطاج .
الشارع مغلق. سرت الى ساحة برشلونة لأدخل الشارع من نهج هولندا اصطدمت مرة أخرى بالحاجز البوليسي صرت ادور في كل اتجاه بلا نظام .
ماذا يمكن ان نستخلص من هذا الوصف ؟
سمح النظام للمجموعة الأولى أن تعتلي مدارج المسرح الى حدود الساعة 11 و30 دقيقة ثم بعد ذلك منع التجمع هناك إلى أكثر من سبب .
كان يريد أن يضرب هنا عصفورين بحجر يسمح للمظاهرة في حدود يضبطها حتى يمكنه ان يستغلها في دعايته الرخيصة بأنه ليس ضد الحرية ويجد من المرتزقة من يروج هذه الكذبة و لكن يمنعها حتى لا تتحول إلى دعاية ضده حين تكبر وتكشف حجم تزييفه حين يقول لنا انه يستجيب لما يريده الشعب بالشعار السخيف "الشعب يريد ".
في شارع 18 جانفي التقيت مع رفيق كان ينظم الشعارات هناك ومنها " يا للعار يا للعار المسيرة في حصار " طلبت منه المواصلة وحاولت الاتصال برفاق داخل الجمهورية أعلموني ان النظام منعهم من الوصول وان حجم الانتظار في مداخل العاصمة يقدر بساعات وقال لي رفيق أخر أننا عدنا لزمن بن علي .
رجعت اليوم إلى منزلي بلا حزن ولا يأس، بل بكثير من الاعتزاز والفخر بتونس لأنها صنعت لدينا كلنا حب الحرية جيلا بعد جيلا ولن تتخلى عنها أبدا ولا عزاء لأنصار المستبد وأعداء الحرية.