كلّ سبت تقريبا يحدث هذا: التّلميذ يقف في السّاحة مضطربا هائجا بعد أن استفزّه أصدقاؤه داخل قسمه وهم يعلمون مرضه ) مرض عصبي( فيندفع خارج القسم ويبدأ في الصّراخ وفي نزع ثيابه في حين يحيط به زملاؤه منفجرين ضحكا ويوغل البعض في استفزازه فيوغل في الصّراخ ويتلوّى متوجّعا ممّا يفعلونه به.
يتدخّل بعض القييمين لنهيهم لكنّهم لا يرتدعون. تضطرّ مع بعض الزّملاء إلى الصّراخ في وجوههم وأمرهم بأن يدخلوا أقسامهم. يدخلون عنوة بعد لأي في حين يظلّ التّلميذ ينتظر دخولهم حتّى يعود إليه هدوؤه تدريجيّا ليلتحق أخيرا بقسمه.
أدخل أنا بدوري قسمي لأفرغ شحنة غضبي في تلامذتي الذّين لم يفعلوا شيئا في الحقيقة وكانوا متأثّرين جدّا لما رأوا. ولكنّي لا أجد سواهم لأعبّر عن ألمي الذّي يشاركوني إيّاه.
من نحن؟
أين الآباء والأمّهات؟
أليس الدّرس الأوّل الذّي يجب أن نعلّمه لأبنائنا هو احترام الآخر مريضا كان أو فقيرا أو معاقا أو مختلفا أيّا كان نوع الاختلاف ( في اللّون أو في الانتماء الاجتماعي أو في الدّين أو في الجهة أو في الّطبقة..)
أليس الدّرس الأوّل أن نعلّم أبناءنا التّعايش مع المختلف؟ القبول به كما هو دون قدح أو استنقاص أو سخرية أو سعي إلى تدميره والتلذّذ بذلك؟
من الذّي يربي اليوم؟ من الذّي يجلس أبناءه أمامه ليحاورهم ويحرّرهم من الأنانيّة والاستعلاء على الضّعيف ويحدّثهم عن المحبّة بين البشر..
" سنصير شعبا حين يُعلي الفرد من شأن، التفاصيل الصغيرةْ "
" سنصيرُ شعباً، إن أَردنا، حين نعلم أَننا لسنا ملائكةً و أَنَّ الشرَّ ليس من اختصاص الآخرينْ "( م د )