سيّدي الرّئيس. سيّدي الشّيخ.. ماذا عن " النّاس إلّي تعاني ونساتهم الإغاني.."؟

Photo

سيّدي الرّئيس.. سيّدي الشّيخ

تحيّة وبعد

كيف أبدأ الحكاية؟ .. هي حكاية تونسي ولكنّها حكاية ملايين التّونسيين .. حكاية ملايين من النّاس إلّي تعاني ونساتهم الأغاني.. ونساتهم السّلطة أيضا.. والمثقّفون..

الحكاية بدأت بتعليق كتبه أحدهم على صفحتي.. أحد المئات الذّين يمرّون بصمت ثمّ ينفجرون فجأة.. انفجر وهو يجدني أكتب دفاعا عن مثقّفة وأطالب باحترام المرأة مهما كانت مواقفها. انفجر واتّهمني وأصدقاء مثقّفين بالصّمت عن الفقراء والدّفاع عن مثقّفي الأبراج العاجيّة.. كان غاضبا عنيفا فظّّا مليئا بالاحتقان إلى درجة دفعتني إلى التّفكير في حذفه وإلغائه.

لكنّي تريّثت وفكّرت.. انتصرت فيّ المربّية فقلت: ما الذّي يدفع رجلا إلى هذا؟ .. وقرّرت محاورته.. واكتشفت بركة الغضب التّي تقيم داخله ونافورة الألم التي تنزف في الداخل.. وعذرت اجتراءه

أتركه يبوح.. سأنقل ما قاله بحذافيره وبكلّ أخطائه اللّغويّة التي لا قيمة لها أمام أخطائنا الإنسانيّة:

" أنأ أعتذر إليك بصفة خاصة ولكن سيدتي أنتم لا تعرفون حقيقة المواطن المقهور ودائما على لسانه الحمد لله..

الشكوى لغير الله مذلة...ولكن هنالك مثل شعبي قالوا وخر وخر .. قالوا أظهر لبهيم أوفا..! صحيح أن تونس تمر بوضع وظرف غير عادية.. أزمة أقتصادية هشة تهرب ضاريبي سوق موازية تهريب و الأرهاب مع طبقة سياسية تبحث على التاموقع وغيرها من الأحداث العالمية ..... ولكن سيدتي هنالك جزء كبير من الشعب يعيش الخصاصة والفقر المزمن ...سأقول إليك من الآخر لانستطيع الوقوف على خضار واقتيناء القليل القليل من خيرات هذاالوطن..العيشة أعجين ومشتاقاته من غير الدخول فاللحم مناطق محظورة ..الأدوية خليها على ربي لو دخلت فالتقاصيل لكرهة هذا الوطن ولكن غالبين الوضع بي الحمد لله..

أولا شكرا على الرد المفعم بالأحترام..المستوى التعليمي الثالثة مهني نظام قديم ،أعمل فالقطاع الخاص-معمل تصدير- خدام و الخلاص تحت الحيت مثال شهرية نوفمبر في جانفي نخلص فيها أو على مرتين متزوج أب لي ولد وبنتان أحد البناة تحمل إعاقة عظوية تزيد فالدم مرتين فالشهر كاري..

سيدتي إليك هذه الطرفة في وطن الوعود الزائفة...في جيبي سبعة دنانير ولي أبن عمره خمس سنوات طريح الفراش ومصروف التداوي والتنقل عشرة دنانير والمطلوب مني توفير مصروف الدار ..وإلى حد هذا التاريخ الشهرية-ديسمبر- فالمهموتة أو من غير ماندخل في مشاكل أخرى ما خفيا كان أعظم والقصة لا تنتهي وبنسبة لي أبني فهو في رعايت خالقه والرعاية البيدئية ماء بارد ،قارص أو زيت للي نوب ربي.

سيدتي راني أنفرغ في قلبي... أغلب المنابر الإعلامية إلا مارحم ربي بعيدة كل البعد عن مشاغل المواطن المطحون . السلطة والإعلام في جانب والشعب ..؟ تونس مثل..دار أبلا كبير كسانية أبلا بير شعب لايستطيع أن يأكل من خيرات بلاده عليه بالرحيل…
سيبدتي أبنتي الموعاقة تدرس فالسنة الرابعة أساسي من الأوائل بفظل الله.."

انتهى كلامه الذّي وعدت بإبلاغه.. فهل يصل صوت هؤلاء المواطنين؟

سيّدي الرّئيس. سيّدي الشّيخ

النّاس" إلّي يخبّيوا الدّمع على عيون أهاليهم "موجودون. هو ليسوا في الأغنية فقط.. ليسوا في النصّ.. ليسوا في كلام الشّعراء ولا يقيمون في المجاز ولا يسكنون الاستعارات الماكرة.. إنّهم هنا وهناك.. في البيوت الفقيرة المكوّنة أحيانا من غرفة واحدة. بيوت تخفي أسرارا وتستر أحزانا وأهوالا.

في الشّوارع يتيهون.. تأمّلوا وجوه البشر ستجدون غيوما سوداء كبيرة يخفونها تحت رداء العزّة والأنفة.. في الكار الصّفراء يلاحقونها وفي المترو يبحثون عن قدم فيه..

سادتي.. أين سيذهب الفقراء إن تجاهلتم حكومتكم؟ .. أين سيذهبون وهم بين جشع طبقة لا تشبع وتسلّق طبقة مافتئت تطمع وبين مثقّفين لا يتجاوز أفق تفكيرهم مصالحهم الذّاتيّة وبين مثقّفين جائعين بدورهم؟ أين سيذهبون وخياراتكم اللّيبيراليّة تسبي أحلامهم وتغمر القلوب باليأس؟ هل عليهم أن يبحثوا عن وطن آخر؟

هؤلاء لا تعنيهم توافقاتكم أو اختلافاتكم ولا يعرفون من هو المسؤول الكبير ولا حتّى المسؤول الصّغير ولا همّ لهم سوى ضمان الحدّ الأدنى من البقاء على قيد الحياة.. مع أمل البقاء على قيد الحلم.. فهم قد ملّوا الأماني والأحلام.. وصاروا ينامون لينسوا ولا ينامون ليحلموا..

سيّدي الرّئيس.. أظنّك لم تنس وجه تلك المرأة التي لم تأكل اللّحم زمن الانتخابات والتي دفعتك إلى البكاء.. سيّدي الشّيخ.. لا ريب أنّك تؤمن بحديث الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم:

" ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به."

.. فكيف تنام حكومة وكثير من مواطنيها جائعين؟ بعضهم جائع عن غير قصد وبعضهم يجوع ليشعرك أنّه لم ينل حقوقه بعد داخل دولتك؟

هؤلاء لا يهتمّون لما يحدث في السّياسة. بعضهم يريد فقط ثمن علاج ابنته. بعضهم يريد عملا له ولأصدقائه العاطلين.. بعضهم يريد قليلا من الخضار لحساء ساخن في قرّ الشّتاء..

وبعضهم يشتهي فقط، يأسا، عود كبريت وحيد. ليحترق..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات