احتلال

Photo

الموجع في ما نحن فيه أنّ كل معاناة التونسي في الماء والدواء والنقل والتعليم والغذاء والأجر وقريبا الهواء هي نتيجة أقلية خانقة كاتمة للأنفاس تتصرّف بطمع وأنانية كبرى وتقفز على الفرص من أجل الاستيلاء على مصادر الثروة الطبيعية وغيرها على حساب الملايين الذين يتمّ إلهاؤهم يوميّا بمعارك وحوادث غريبة وبرامج موغلة في الإسفاف.

حين تدرك أنّ كلّ معاناة العمر للأحياء والأموات والعاملين والمتقاعدين في بلادنا هي نتيجة أفراد تمّ إنقاذهم من المحاسبة ممتلئين بالطمع وبقلّة الهمّة والقدرة على بيع كل شيء مقابل إشباع غرائزهم ونزواتهم، نجحوا في تشكيل عصابات(وأحزاب ) حولهم تخدمهم بمقابل وتملأ بدورها حساباتها البنكية وتتشابك مصالحها مع مصالح سياسية وحزبية ضيقة تعادي في عمقها الديمقراطية العدوّ اللدود للفساد.

حين تدرك كل هذا القرف تعي أنّ المعركة في أحد أبعادها وجودية. إنّهم يحاربون جهرا عيش الناس ولقمتهم وأجر عرقهم، ويستكثرون عليهم خبزهم ويعبثون بالتعليم والصحة ويطردون أبناءنا خارج الوطن هربا من توحشهم ويستولون حتى على الهواء الذي نلتقطه.

وهذه الحرب الصامتة التي يعلنونها ضدّنا تتمّ اليوم برضا وأمام عيون من ادّعوا الانتماء إلى الثورة ذات زمن، بعد أن أخذهم موج التوافق بعيدا.

أن نوجد فعلا، أن نتخطى موتنا المعنوي يقتضي تحرّرنا من هذه الأقليّة التي تتكاثر وتنتعش وسط الأهواء العفنة ووسط الأراجيف والأوهام والمعارك الخاطئة وخاصة المعارك الهووية القاتلة.

نحن محتلون. رهائن عند هؤلاء. لنحيا لا مفر من أن نحسم أمرهم. حسما ديمقراطيا عبر الانتخابات بإبعاد المورّطين والمتواطئين والمشاركين ومن باعوا ذممهم والأحزاب الحامية لهم والنقابات المدافعة عنهم.

دون ذلك سنظلّ كرة الثلج تتدحرج وتكبر لتدوس على ما تبقى لنا من وجود.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات