تمرين مدرسي : احمد صواب والمجاز

كثيرا ما يستعمل الناس كلمة مجاز دون معرفة بلاغية في الحد الأدنى لهذه المعرفة . والمجاز في ابسط تعريفاته المدرسية هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي . والعلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي هي في اغلب الأحيان المشابهة .

والقرينة أي الدليل على أن اللفظ لم يستعمل في معناه الحقيقي ( كما نجده في القواميس) قد تكون لفظية أو حالية تفهم من السياق .

يقول احمد صواب أن السكين ليس موضوعا على رقاب المتهمين فقط ولكن على رقبة رئيس الدائرة الجنائية أيضا مع إشارة باليد على مستوى الرقبة .

وواضح بما لا يدع مجالا للشك أن السكين وحركة اليد لم يستعملا هنا في معنى الدعوة الى الذبح بل استعملا في غير معناهما الحقيقي أو المعجمي كما نجده ذلك في أي قاموس أي الدعوة الى قطع الرقبة بآلة حادة بل في معنى وضعية التهديد المسلطة على القاضي والمتهمين سواء بسواء ولو جاز أن يكون المعنى غير ذلك لجاز أن نعتبر أن المحامي يدعو الى قتل القاضي ولكن أيضا الى قتل المتهمين مادام المجاز هنا يقوم على حالة مشابهة بين القاضي والمتهمين .

ومن الواضح أن القول بان احمد صواب يدعو الى قتل المتهمين لا يستقيم لا عقلا ولا منطقا إلا اذا جاز أن يتحول لسان الدفاع الى خصم للمتهمين الى حد المطالبة بإعدامهم ذبحا.

اذن اذا كانت المطالبة بذبح المتهمين على وجه الحقيقة في سياقنا هذا لا تستقيم في أي وجه من وجوه القول فان المطالبة بقتل القاضي لا تستقيم أيضا لما كانت العلاقة التي يقوم عليها المجاز في سياقنا هذا هي بالضبط المشابهة بين وضعية القاضي والمتهمين لا اكثر وهي لا تخرج بهذا عن معنى التهديد والابتزاز .

فهل يكون للعدالة الحد الأدنى من ابسط ما نعرفه في معارفنا المدرسية حول المجاز ؟

ولنا عودة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Maher
22/04/2025 19:58
شكرا استاذ علي هذا التحليل اللغوي لخطاب القاضي أحمد صواب. إضافة إلى تاريخ الرجل لم يكن في خطابه وتدخلاته الإعلامية عنيفا بل يميل اكثر إلي التهكم والسخرية.