شاركت في كلّ اللقاءات الفكريّة التي نظّمت على هامش مشروع تحالف 18 أكتوبر ... أذكر تزاحم مناضلي النّهضة وحزب العمّال الشّيوعي كتفا بكتف لكسر الطّوق الذي كان الأمن يضربه على مقرّ حزب التكتّل لتأمين دخول حمّة الهمّامي وعلي لعريّض …
كان حمّة ولعريّض يجلسان على نفس طاولة الحوار لمناقشة قضايا فكريّة من أجل ضبط مشتركات هي بمثابة ضمان لتحالف ممكن ...
أذكر مرّة حمّة وهو يتحدّث عن الرّسول الأكرم قائلا قرأت سيرته وأهمّ صفة وجدتها غالبة على سلوكه أنّه كان يعمل طول الوقت ولم يكن له وقت فراغ فهو دائم العمل ... أعجبتني الصّورة التي لم ترد في أيّ وصف من أوصافه الكثيرة التي عدّدتها مدوّنة السّيرة ... تصوّرت للحظة أنّ النبيّ زعيم للبروليتاريا ...
وكان لعريّض يتحدّث عن الماركسيّة باعتبارها تراثا إنسانيّا يمكن الاستفادة منه وأنّ جوهرها الانتصار للمقهورين والمستضعفين ...
كانت السّلطة في حالة من الفزع والاستنفار من هذه اللقاءات المضيّقة التي لا تستقطب إلّا أنفارا قليلة من الذين يجرؤون على التّدافع مع الأمن وكسر الحصار المضروب على المقرّات …
اليوم نفس ذلك الأمن يقف حاجزا بين الفريقين ... يضرب عليهما طوقا كانا يتزاحمان لكسره قبل الثّورة من أجل تنظيم لقاء حواريّ ... جمعها القمع وفرّقتهما الحريّة ... وحّدهما الاستبداد وشتّتتهما الدّيمقراطيّة ... مشهد محزن حقيقة.