أسدل السّتار على أولاد مفيدة … في انتظار مسلسل آخر عن أولاد امرأة أخرى نشّأت أولادها على الخير وحبّ الوطن … يواجهون مصاعب الاستبداد والتفاوت الاجتماعي ومصائب الحياة … يكافحون من أجل القيم وتحقيق ما تتمنّاه كلّ أمّ لأولادها ووطن لأبنائه وبناته … قصصهم كثيرة على امتداد الوطن والأجيال أشبه بالملاحم … صنعوا بطولات صامتة لكنّها مكتنزة سرديّا وقابلة لأن تتحوّل إلى أعمال دراميّة إبداعيّة … لكن عين المخرج والمنتج وكاتب النصّ لا ترى إلّا ما يعكس هواجسها وأهدافها التّجاريّة.
ليس ترذيلا لأولاد مفيدة فالمسلسل على درجة فنيّة عالية من حيث التّصوير والإخراج وتقمّص الأدوار … لم أواكب أيّ موسم منه لكن تابعت على الفايسبوك حلقات الجزء الخامس طيلة الشّهر المبارك لأكتشف حجم الانهيار والضّياع الذي تعبّر عنه الشخصيات التي تُرٍكت لقدرها دون أيّ نور يهدي طريقها كأنّها في كوكب آخر معزول وليست في بلد له قيم وفرص للتأمّل والمراجعة لمسار حياتها …
شخصيات عبث بها المخرج وكاتب النصّ ووضعها في قالب جامد ومطّط أحداثها وزلّاتها وانهياراتها القيميّة … ثمّ في الحلقة الأخيرة هكذا وبطريقة تكثيف فجّ كأنّه يريد التخلّص من حمل مشوّه أنهى مسار حياتها بشكل ميلودراميّ مأساويّ لتدفع ثمن خيال المخرج وكاتب النصّ وما اقترفته دراميّا تاركة خلفها لوعة وحرقة … دون شرف …
مقاربة قدريّة للشخصيّات تعبّر عنها أغنية الجينيريك " يا دنيا يزّينا … ربّي الحاكم فيك وفينا " وهي نفس رسالة مسلسل مكتوب: الانسحاق أمام قدر جبريّ يقودنا إلى حيث يريد …
خمسة مواسم والأحداث تصنع أيقونات مزيّفة ونماذج مشوّهة وأحداثا مركّبة جمعت كلّ ما تعتبره الأعراف الشعبيّة قيما سلبيّة حتّى داخل العائلات سيّئة السّمعة …
أما آن لأولاد امرأة أخرى شرفاء مقاومون حاملون لهموم الشّعب والوطن والطّموحات المشروعة أن يؤثّثوا الشّاشة وأن يكون لهم مكان وسط فوضى دراما الواقع والإثارة والاستشهار؟