لم تكن في حاجة لتزبد وترعد وتصرخ وتعبس في وجه ضيفها وتستعمل معه أسلوب الاستفزاز والاتّهام والتهجّم والاستدراج لمناخات الانفعال وخطاب التوتّر الذي يفقده توازنه وتركيزه لتحقيق انتصار ساديّ عليه
لم تكن في حاجة لكلّ ذلك لتكشف عن المخبوء في عقل محاورها وضميره أو ما يحاول إخفاءه أو التعبير عنه بأساليب فيها تورية واجتزاء وتغليف للمواقف .
لم تكن في حاجة لكلّ ذلك لإثبات فحولتها الإعلاميّة و سطوة حضورها وشدّة تمكّنها من فرض وجهة الحوار.
تلك أساليب العاجزين والكسالى والمرتجلين والفاقدين للأهليّة والمهنيّة والتّوازن العقلي والنّفسي .
بل كان كافيا شافيا وذا جدوى وفاعلية ومهنيّة اعتمادُها نبرةً هادئةً وابتسامةً واثقةً واستراتيجيا مُحَاوَرَةٍ ذكيّةٍ قائمةٍ على حسن اختيار الأسئلة المنطقيّة الهادفة المبنيّة ضمن خيط ناظم مع حسن الاستماع والتّفاعل مع الضّيف دون التقليل من احترامه أو الاستخفاف به ،
فنّ المحاورة ومهارة السّؤال يجعل أرضيّة التواصل والتفاعل في حدود ما تسمح به ملكات العقل واللغة وخطّة الحجاج والذكاء العاطفي من قدرة على عرض الذّات بالشكل الذي يعكس حقيقتها مهما حاول المُحَاوَر أن ينتهج من سبلٍ للمخاتلة والمناورة.
ثمّ ترك التقييم والحكم للمشاهد دون مصادرة أو توجيه من المحاوِر فليس من دوره أن ينوب عن المتلقّي ، يكفي أنّ ينوب عنه في طرح الأسئلة ويكون ضميره .
هذا مفتاح يسمح بإصلاح الإعلام ليكون مهنيّا ومجتهدا ومتجدّدا.