لا أستغرب من حزام الرّئيس وأنصار حملته التّفسيريّة التي لا تزال متواصلة فهم يعيشون وهم سرديّة القائد المنقذ الذي يرونه فوق الدّستور والمؤسّسات والأحزاب ويبرّرون كلّ ما يصدر عنه ... لكن ألوم من ناضلوا طيلة عقود ضدّ تسييس المحكمة العسكريّة وتوريطها في قضايا سياسيّة ومدنيّة ... ولهذه المحكمة تاريخ غير مشرّف في الملفّات التي حشرت فيها ...
كان مطلب تحييد المحكمة العسكريّة عن القضايا السياسية والتي هي محلّ نزاع بين مدنيين مطلب كلّ الحركة الحقوقيّة والسياسيّة المعارضة زمن الاستبداد ... العديد من الذين رفعوا ذلك المطلب يدافعون اليوم عن مثول مدنيّ أمام القضاء العسكريّ بتهم وقع تكييفها بشكل عجيب لا يمتّ بصلة للجرائم المفترض أنّ المعني بالأمر قد ارتكبها ...
الذين استنفروا للدّفاع عن الصّحفي بن بريك الذي دعا لرفع السّلاح ضدّ القضاة وهم سلطة دستوريّة رغم أنّ الدّعوى التي رفعت ضدّه كانت من طرف القضاء المدني هؤلاء هم أنفسهم اليوم يستنفرون لتبرير تعهّد القضاء العسكريّ بقضيّة لا علاقة لها بالمؤسّسة العسكريّة والجيش الوطنيّ ...
عودة المحكمة العسكريّة من جديد للتعهّد بهذه القضايا هو ضرب لمدنيّة الدّولة وتسييس للمؤسّسة العسكريّة وإيذان بفتح الباب لآخرين يكون عليهم الدّور من ألوان واتّجاهات أخرى … أفلا تعقلون.