هذا هو ترامب الذي استبشر قصار النّظر بانتخابه ليدرج خصومَهم في قوائم الإرهاب ويقضي على وجودهم نهائيّا ... وقتها لم يكن إمبرياليّا ولا زعيما للرأسماليّة المتوحّشة ... بل حليفا موضوعيّا.
أذكر أنّني كتبت تدوينة بعد إعلان نتائج الانتخابات أصف فيها هذا الرّئيس المتخلّف ذهنيّا بالسّائر على نهج رعاة البقر من خلال ما عرف عن سيرته وسمعته السيّئة وخطابه الانتخابي الشّعبويّ والشّوفيني ... فردّ عليّ أحد من خصّهم بول نيزان بمؤلّف حيث دبّج تدوينة شكّك فيها في ثقافتي ومداركي المعرفية واستقلاليّة أفكاري واعتبر تدوينتي إساءة لمسؤول دولة عظمى.
ها هو اليوم رئيس الدّولة العظمى يستعيد ذاكرة أجداه الذين ارتكبوا أبشع مجازر التّطهير العرقي بحقّ شعوب بأكملها لاجتثاثها من مواطن إقامتها التي استوطنوها لآلاف السّنين، وذاكرة أجداده الذين تصيّدوا الآلاف من السّود من بين أهليهم ليقع نقلهم مثل البضائع في رحلات تجارة الاستعباد.
هذا هو ترامب المسكون بعقيدة تفوّق الرّجل الأبيض كأنّها جينات متوارثة من الأجداد بتكريسه لخطاب معاداة الأجانب والأقليّات والتفوّق العرقي وتغذية العنصريّة.
هذا هو ترامب الذي راهنوا عليه لإفناء مواطنيهم كما حدث في دول أخرى … ها هو اليوم يواجه الذّاكرة السّحيقة والحيّة لقرون الاستعباد التي لم تداوها السياسات الرّسميّة للحكومات المتعاقبة بل تفاقمت مع هذا الرّئيس الأخرق المنتفش ….
هذا هو ترامبكم الذي هلّلتم لفوزه الانتخابي … وهو يواجه غضب شعبه الذي ضاق ذرعا بحماقاته ونرجسيّته المتخمة وبوليسه العنصريّ …
الذين راهنوا على الحريّة وكرامة