تفشل الدّيمقراطيّة حين يستعجل قطف ثمارها المراهنون عليها لتغيير حياتهم ولا يصبرون على مخاضاتها الصّعبة ... فيفضّلون فتات الاستبداد المبذولة على موائد الدّيمقراطيّة المؤجّلة ...
وتفشل الدّيمقراطية حين تخونها نخب السياسة والفكر ومنتجو المعنى والرّموز من أجل أنواتهم الفرديّة والطّائفية فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ...
كم من مظالم الاستبداد يجب أن تعيش الشعوب حتّى يحصل التّراكم النّوعي الخلّاق وطفرة الوعي بجدوى الدّيمقراطيّة كخيار نهائيّ لا بديل عنه لبناء الحياة المدنيّة والعيش الكريم ؟
يلتقي الاستشراق الاستعماري مع داعش وأخواتها على أنّ شعوب الشّرق لا تليق بها الدّيمقراطيّة فلا تساس إلّا بالاستبداد المغلّف بالدّين " الفقه السّلطاني " أو ما أطلق عليه عدد من فلاسفة الأنوار Le despotisme éclairé حيث لم يكن الفلاسفة الذين ولِدَت الثورة الفرنسية على أيديهم يتوقون إلى الديمقراطية، بل إلى الاستبداد المستنير،
فشلت داعش بإنتاجها لأبشع دكتاتورية دينية عرفها الشّرق فسقط خيار الحكم السلطاني واستعادة نموذج الخلافة الوسيط... وفشل الاستبداد المستنير قبلها لما أنتجه من حروب أهليّة ومظالم قبل أن يستقرّ الحكم الدّيمقراطي بشكل نهائيّ في الغرب ...
فهل يجب أن تمرّ الشعوب التي شهدت فشل انتقالات الدّيمقراطيّة بنفق الاستبداد الشّعبويّ الغاشم لتكتشف خواءه وبريقه الخلّب وتترسّخ لديها القناعة بمزايا الحكم الدّيمقراطي مهما كانت كلفة إرسائه ؟