في نهاية المطاف الجامعة التي قبلت إسناد شهادة الدّكتوراه الفخريّة لنظام ملكيّ يعرف الجميع حاله، ليست الجامعة المحسوبة على المحافظة والتّقليد بل الجامعة المحسوبة على الحداثة والتّجديد.
لا نلوم السياسيّ خاصّة من كان في موقع الحكم والمسؤوليّة الوظيفيّة على تقديراته السياسيّة ومراعاته للمصلحة العامّة والعلاقات بين الدّول والأعراف الدبلوماسيّة فهذا من جوهر وظيفته وحسن التّدبير في أدائها.
ولكن نطرح السّؤال على الجامعي الأكاديمي الباحث المشتغل بالأفكار والمعرفة المستأمن على القيم والمعاني والرّموز ، كيف يرهن كلّ ذلك لحساب رهانات السياسي ؟
كيف يقنع مسندو الشّهادة طلبتهم بقيم التنوير والتّحديث عندما يدرّسونهم الحركة الإصلاحيّة ومدوّنة النّهضة العربيّة وخطاب التّجديد ونقد التّقليد وأطروحات المدارس التّراثيّة القائمة على الفهم الحرفي والتّكفيري وهم يسندون شهادة فخر واعتراف وتزكية لأكثر التجارب تكريسا لهذا الفهم ؟
هل سيصنّفون مستقبلا الحركة الوهابية مثلا ضمن حركات التّنوير ،والأنظمة الملكيّة المطلقة ضمن منظومة الحكم الرّشيد، فتستحقّ بذلك الفخر والافتخار باسم الجامعة واساتذتها وطلبتها ...؟
حدّ من الانسجام مطلوب وما يجوز للسياسي المحكوم بإكراهات الحكم لا يجوز للباحث والأستاذ والمؤسّسة التي يتلقّى فيها الطّلبة العلوم والمعارف والقيم ومناهج البحث.