كيف ننصر غزّة ونحن في طرف الخريطة لا حول لنا ولا قوّة ولا نملك إلّا الدّعاء والبكاء والحسرة وحرقة القلب وما تسمح به السّلطات من هامش محدّد للتحرّكات المساندة وما تسمح به الخوارزميات من مساحة ضيّقة لتنزيل مشاهد الفاجعة وما يفتح من مسالك آمنة للدعم الماديّ ؟؟؟
أوّلا يجب أن نحدّد ماذا نعنى بنصرة غزّة؟ لنجيب عن ذلك يجب أن نفهم ما الذي يحدث في غزّة ؟ ليس الذي يحدث فوق الأرض ولا تحتها فذاك نعلمه ويحلّله الدّويري ورفاقه ... بل ما يحدث في الوعي والوجدان وخفقات الأرواح التي ترتقي لربّها ... في أرض المعركة الكبرى ... أرض الجهاد الأكبر ...
معركة الصّبر والمصابرة والإيمان ومناصرة الحقّ واحتساب ضريبة ذلك عند الله والثقة بالوعد الإلهي واستحضار معيّته ... هي معركة من مسافة الصّفر مع رضى الله والشّوق للقياه حيث الموت حياة جيدة والحياة انبعاث جديد للفرد والجماعة والأوطان ...
هل يمكن نصرة غزّة وطوفانها الهادر في عمق مدلوله الوجودي والرّسالي خارج دائرة القيم والمعاني التي تنطوي عليها ؟ هل يمكن أن تنصر غزّة وأنت مهزوم أمام أهواء نفسك وصبواتها ونزواتها؟ هل يمكن أن تناصر غزّة وأنت في معسكر الظلم والاستبداد والطغيان ؟ هل يمكن أن تنتصر لغزّة وأنت منتكس نفسيّا وذهنيّا ومعرفيّا أمام سطوة نظام العالم الاستعماريّ وتابع ذليل للوبياته ومافياته وسرديّاته التي تزيّف العقول ؟
معركة غزّة هي معركة أمّة تتحفّز للنّهوض من كبوتها والتحرّر من مستعمِرها ومعركة إنسانيّة تتوق للعدل والحريّة والتحرّر من عولمة باغية ... معركة طويلة تحتاج إعادة بناء الذّات والوعي والوجدان والعقيدة الكفاحيّة المقاومة والاستعداد لمعارك أكبر ... من أراد أن يكون في غزّة فليتخلّق بأخلاق أهل غزّة ومقاومي غزّة وأطفال غزّة …