بعض مبغضي الحريّة من دعاة عسكرة الشّأن العامّ والانقلاب على الحياة السياسيّة يريدون حرمان الشّعب التّونسي من هذا المشهد الرّائع لمناقشة ميزانيّة مجالا مجالا، وفصلا فصلا ومشروعا مشروعا، ومصرفا مصرفا، ونقد سياسات كلّ وزارة بحضور الوزير وطاقمه علنا أمام عموم أفراد الشّعب بكلّ شفافيّة وجرأة قد تصل حدّ المبالغة في القسوة والاتّهام ... ورئيس الحكومة والوزراء مطالبون بالاستماع والردّ الشّفويّ والكتابي ...
يريدون تقديم تفويض ووكالة للفرد والعسكر لتخريب كلّ هذا المشهد الذي لم تصل له أيّ دولة عربيّة رغم كلّ ما يعتريه من مناكفات وما يتخلّله من رداءة تعود بدرجة أولى إلى القانون الانتخابي الذي أفرز تركيبة لا تعبّر عن أفضل الانتظارات والخيارات ...
ليس صحيحا أنّ الحراك الاحتجاجي الذي يخوض معركة التنمية العادلة وحقوق الجهات المحرومة لم يعد معنيّا بالديمقراطيّة واستكمال مسار الانتقال الدّيمقراطيّ وأنّه على استعداد لمقايضة هذا بذاك ... لأنّ عقلاء هذا الحراك يعلمون علم اليقين أن لا عدالة اجتماعيّة دون هذا المشهد الدّيمقراطي الذي تجسّد سلطة تشريعيّة حرّة مالكة لإرادتها تصنع قراراتها وخياراتها وسط تدافع التّوازنات وكذلك التّوافقات التي لن تجتمع وتتواطأ على " باطل "