"زعمة "حكومة الرّئيس هل سيكون فيها قلب تونس الذي ينظر إليه رمزا للفساد والتطبيع ؟ وهل سيكون فيها تحيا تونس الذي ينظر إليه باعتباره رمزا للفشل واستغلال موارد الدّولة ووووو ؟ وهل سيكون فيها مشتقّات النّداء وبقايا التجمّع؟ وهل سيكون فيها الموصومون بائتلاف " الدّواعش " ؟
هل سيكون كلّ هؤلاء داخلها جنبا إلى جنب مع الثوريين النوريين الوطنيين؟ ما هو شكل هذا الاصطفاف الحكومي: عائلة وسطيّة حداثيّة علمانية ليبيراليّة تقدّمية ...؟ أم عائلة ثوريّة ديمقراطيّة وطنيّة سياديّة ...؟ أم خليط انتقائيّ بين العائلتين على أساس الهدف السّامي المشترك المعروف؟
يذكّرني مشهد تشكيل الحكومة في ظلّ التنافر بين الكتل الحزبيّة والسياسيّة بأحجية قديمة بطلها الرّاعي الذي يريد نقل الخروف والذّئب وحزمة التّبن في قارب واحد لا يسع إلّا اثنين بين ضفتي النّهر على دفعات دون أن يأكل الخروف التّبن أو الذّئب الخروف !!!...
سقوط حكومة الجملي إن وقع يعني فشل الحزب الفائز في إدارة مفاوضات تشكيل الحكومة مهما كانت السياقات والإكراهات التي حفّت بها، فشل سياسي واتّصالي يجب أن يتحمّل الحزب مسؤوليّته أمام قواعده الحزبيّة وقاعدته الانتخابيّة وأمام عموم التّونسيين، وهو ملزم أخلاقا وسياسةً بتقديم نقده الذّاتي أمام التّونسيين .
البديل لن يكون أفضل على مستوى التحدّيات التي يواجهها البلد إلّا إذا كان الهدف الأساسيّ منه إخراج الحزب الفائز من المشهد بالكليّة أو تحجيم حضوره ودوره أو عزله وتهميشه، وهذا إن تحقّق فلن يؤدّي بالضّرورة إلى فضّ أزمات البلد الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وليت أزمات البلد مقتصرة على وجود هذا الحزب متصدّرا للمشهد لكان الأمر هيّنا ولانفتحت للبلد أبواب الفرج بمجرّد تغييبه أو تحجيم دوره.
مازال المشهد محكوما بمكبوتات نفسيّة عميقة وكثير من الصّبيانيّة والارتجال وقليل من النّضج السياسي والفكري والقدرة على التّفكير الاستراتيجي.