11.3% ، أي 1.13 على عشرة، نسبة مشاركة هزيلة جدًّا وجزء كبير منها من جيل المتقاعدين، وبالرُّغم من توظيف إمكانات ومقدرات الدَّولة والإدارة ومن عديد التَّجاوزات والخروقات والجرائم الانتخابيَّة وغياب الحدود الدُّنيا من الشَّفافيَّة في عمل الهيئة الرِّئاسيَّة للانتخابات… نسبة مشاركة هزيلة جدًّا، هي الأدنى وطنيًّا وقارِّيًّا وعالميَّا في نسب المشاركة في الانتخابات التَّشريعيَّة…
ونسبة عزوف تعانق الارتفاع الشَّاهق تقترب من90%.. وهي نسب تنتقص بدرجة عالية جدًّا من شرعيَّة برلمان الرَّئيس، الَّذي وُلد اللَّيلة ميِّتا، ومن دستور الرَّئيس ومن مسار الرَّئيس، وتلتهم ما تبقَّى من مشروعيَّة رئيس الجمهوريَّة شخصيًّا..
اكتملت اليوم مغامرة المسار الأحادي الفرداني الَّذي فرضه رئيس الجمهوريَّة على الدَّولة وعلى مؤسَّسات الدَّولة وعلى الشَّعب بانتقاص رهيب من مشروعيَّته وتراجع كبير في شرعيَّته الانتخابيَّة، بخسارة أكثر من ثُلثي الكتلة الانتخابيَّة الَّتي صوَّتت له في الرِّئاسيَّة، وباستقرار شرعيَّة "المنظومة" الَّتي أراد فرضها في حدود أقل من ثُلث الجسم الانتخابي، ممَّا ينزع عنه وعنها توصيف : "التَّفويض الشَّعبي"..
سياسيًّا، تعود تونس من جديد لمربَّع الأزمة السِّياسيَّة والدستورية وأزمة الشَّرعيَّة الدِّيمقراطيَّة لمؤسَّسات الدَّولة، في حين كان الشَّعب وقواه الحيَّة ولا يزال يروم الخروج من الأزمة لبناء مؤسَّسات ديمقراطيَّة أكثر تمثيليَّة وأكثر صلابة مؤسَّسيَّة وأكثر فعاليَّة وإنجازا سياسيًّا، وديبلوماسيًّا، واقتصاديًّا، واجتماعيًّا..
على رئيس الجمهوريَّة استخلاص الدُّروس والعبر من فشل المغامرة الفرديَّة، والخروج من حالة النُّكران الَّتي سجنته فيه الغرف الخلفيَّة المظلمة لبطانة السُّوء المحيطة بالقصر من الفوضويِّين ومعاول هدم أركان دولة الاستقلال المجيد وتقويض دعائم الجمهوريَّة، والإقرار بحقيقة القطيعة بين مشروعه الشَّخصي الفرداني وبين مشروع الدَّولة الوطنيَّة ومتطلَّبات النِّظام الدِّيمقراطي السَّليم وحاجيَّات وانتظارات الشَّعب الكريم..
وعلى نخب البلاد السِّياسيَّة والنَّقابيَّة والفكريَّة والإعلاميَّة والاقتصاديَّة استخلاص الدُّروس والعبر من الانغماس في اهتماماتها النُّخبويَّة وإغفال حاجيَّات الشَّعب ومتطلِّبات الدَّولة، ومن عقليَّات الدَّكاكين والقطاعيَّة القطعانيَّة، ومن تجارب التَّناحر والشَّيطنة والتَّشهير وهتك الأعراض وأحاديث الإفك والتَّنافي المَرضي، ومن والعقل الغنيميوي والميليشيوي والأفَّاكي الَّتي أفسدت إمكانيَّات التقائها وأساءت لها ولا تزال لدى قطاعات واسعة من عموم الشَّعب الكريم.. حفظ الله تونس من القادم..