لا سيدي الرئيس، الأرقام ونسب المشاركة لا تقرأ بالمعكوس.. وميزة أي نظام سياسي وانتخابي هي في قدرته على تأمين أقدر مشاركة واسعة المواطنين في إدارة السلم العام.
والنظام السياسي الذي فرضه دستور الرئيس والمرسوم الانتخابي اللذان أثبتا فشلا ذريعا في ضمان المشاركة، بل قاما على تقزيم وشيطنة وتجريم المشاركة السياسية.. وسبب التدني السحيق لنسبة المشاركة مقارنة بالمحطات السابقة يكمن في فشل الوصفة الدستوري الأحادية وفي نفور الشعب الكريم من "المسار" الرئاسي الأحادي والفرداني الذي فرض عليه فرضا ولم ير فيه عرضا سياسية مقنعا كفيلا بحل مشاكل البلاد ومشاغل العباد وبناء وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي..
البلاد لا تتحمل المواصلة في حالة النكران والتستر وراء "احترام المواعيد" والخيارات الأحادية الفردانية لم تستهو الشعب الكريم الذي عبر بعزوفه الواسع أنه لا يريدها.. ولن يغير تنقل رئيس الجمهورية من قصره بقرطاج إلى قصر رئاسة الحكومة بالقصبة لطمأنة رئيسة حكومة الرئيس للتدابير في جلسة باهتة في مكتب مهمل ببهو القصبة خال من الملفات ومن الوزراء ومن الموظفين ومن المواطنين، لن يغير شيئا من الأزمة..
والعمق الشعبي يقاس بنتائج الانتخابات وبالإنجازات على الأرض، ولا يقاس بأوهام الغرف الخفية الخلفية المظلمة وبطانة السوء التي تزين سرابا وهميا لا علاقة له بالواقع، لغاية ولحاجة في نفوسهم المريضة قضوها ويريدون مواصلة قضائها بالقضاء على ما تبقى من مشروع الاندماج الوطني والوئام المدنية والسلم الأهلي وتخريب الدولة وتقويض أركان الجمهورية..
أول الطريق لإصلاح الاوضاع وانقاذ البلاد من هرولة "السير للورى زقفونة" بإتجاه المجهول يبدا بالخروج من حالة النكران وقلب الحقائق والأرقام..