تضارب وتناقض في أعلى هَرَم الدَّولة بين قرطاج والقصبة، تحت سُلطان التَّدابير الاستثنائية الَّتي كان برَّر رئيس الجمهوريَّة لتفعيلها التَّوسُّعي المثير للجدل ب"ضرورة توحيد موقف الدَّولة والحفاظ على وحدتها" من "الخطر الدَّاهم" للتَّناقض والتَّضارب الَّي من شأنه تهديد "وحدة الدَّولة"..
فبينما رئيس الجمهوريَّة قيس سعيِّد يستقبل رئيس الدِّيبلوماسيَّة الجزائريَّة أحمد عطَّاف، في زيارة رفيعة لمستوى بوصفه الموفد الخاص للرَّئيس الجزائري عبد المجيد تبُّون، محمَّلا برسالة خطِّيَّة رسميَّة مُطوَّلة، بادر رئيس حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَة أحمد الحشَّاني "لا طاح لا دزُّوه"، وفي نفس التَّوقيت تقريبا، بنشر نبأ مكالمة هاتفيَّة جمعته بنظيره الوزير الأوَّل الفرنسي غابريال عتَّال، بدون مناسبة وبمضمون تافه لا يرتقي لأن يكون خبرا ولا نشاطا رسميًّا..
علما وأنَّ السَّيِّد الحشَّاني يحمل الجنسيَّة الفرنسيَّة من والدته الفرنسيَّة وشقيقه ضابط متقاعد في الجيش الفرنسي.. وعليه أن ينتبه وأن يكون ولاؤه لتونس وحدها دون سواها من جنسيَّاته الأخرى، وإلَّا عليه الاستقالة حالًّا لتضارب المصالح وتضارب الولاء أصلا..
وعلما وأنَّ السَّيِّد عتَّال منغمس منذ تعيينه منذ ثلاثة أسابيع في صراعاته الدَّاخليَّة وفي معالجة أزمة غضب المزارعين والمدرِّسين وغيرهم من الفئات الاجتماعيَّة بالإضافة للنَّقد السِّياسي الَّذي تواجهه حكومته فاقدة سند الشَّرعيَّة البرلمانيَّة وضعيفة بل معدومة المشروعيَّة أصلا في نظر خصومها..
وسواء كان السَّيِّد الحشَّاني، عديم التَّجربة الدِّيبلوماسيَّة بل وعديم الحسِّ السِّياسي والدِّيبلوماسي، واعيًا بما ارتكبه من هفوة ديبلوماسيَّة فادحة، أو كان ضحيَّة ترتيب من طرف مُديرة ديوانه ابنة أبيها فرنسيَّة الهَوَى والأهواء الأستاذة الجامعيَّة في مادَّة الفيزياء السَّيِّدة سامية قدُّور بنت الشَّرفي الدَّخيلة أصلا على الإدارة والَّتي زرعتها في الدِّيوان "سَلَفَتُهُ" المقالة فرنسيَّة الجنسيَّة للأُم أيضا، أو كان تحت تأثير مخطَّطات "حزب فرنسا" المتغلغل في الإدارة، فإنَّ صنيعه يمثِّل طعنة غادرة في الظَّهر لرئيس الجمهوريَّة سعيِّد..
فتوقيت المكالمة المشبوهة جاء في توقيت مشبوه، بينما رئيس الجمهوريَّة رئيس السِّياسة الخارجيَّة للدَّولة يقرأ رسالة أخيه الرَّئيس تبُّون، ومن بينها مواضيع تتعلَّق وجوبا بالوضع الإقليمي وبالخلافات العميقة بين الجزائر وباريس، والاتِّهامات الَّتي توجِّهُها الأخيرة خُفية وسِرًّا حينا وجَهرة أحيانا للدَّور الفرنسي في زعزة استقرار الجوار الجزائري والمغاربي في السَّاحل الإفريقي، وآخرها التَّلميحات الواحة في اجتماع مجلس الأمن القومي الجزائري..
علمت ايضا وأنَّ بلاغ وزارة الخارجيَّة الجزائري حول الزِّيارة صدر أمس بالنَّص والصُّورة من مطار تونس قرطاج الدُّولي قبل ثلاث ساعات من بلاغ نظيرتها التُّونسيَّة بلد الاستقبال وبعد ان كنَّا نوَّهنا في إبَّانه لغياب البلاغ الرَّسمي التُّونسي، والذي لن يصدر إلا لاحقا بعد تنبيهنا وبتأخير كبير غير مبرر؟
فهل لدينا دولتان؟ الأولى في قرطاج والثَّانية في القصبة؟ أو دول وملل ونحَل؟ تتصارع لفرض سياستها وولاءاتها في الغُرف الفيَّة الخلفيَّة المُظلمة؟ والَّتي ندَّد بها وبوجودها رئيس الجمهوريَّة نفسه مرارا وتكرارا، ليقع اليوم ضحيَّتها..
والأخطر من التَّضارب هو ضرب مصداقيَّة الدَّولة، باللَّعب بالمكشوف الفاضح المفضوح على كل الحبال..
"آش يحبّ يقول" موسيو هاشاني؟؟؟
"الخطر الدَّاهم" بتهديد وحدة الدَّولة أصبح اليوم "خطأ جاثما"..
قِفْ، إِنْتَهَى..