ما هذا؟؟ 10% نسبة ربح من بينها 7% معاليم موظَّفة دون احتساب المصاريف؟؟؟ اختارت وزيرة التَّدابير الاستثنائيَّة للتِّجارة وتنمية الصَّادرات في أوَّل قرار لها الاهتمام بغذاء التُّونسيِّين من غلال التُّفَّاح (منتوج وطني) والموز (منتوج مستورد) فقط، دون غيرها من الحاجيَّات الأساسيَّة الَّتي عجزت وزيرة التَّدابير عن حلِّها وتوفير سلعها بكمِّيَّات كافية وبأسعار معقولة، كالحُبوب والسُّكَّر والقهوة والزُّيوت النَّباتيَّة وغيرها من أساسيَّات الغذاء التُّونسي..
وحصرت تسويقها في "المسالك القانونيَّة" فقط، دون باقي السِّلع والمنتجات ممَّا خلق الله وجادت به الطَّبيعة.. وحدَّدت سعرها بدون دراسة للسُّوق ويدون تحديد نسبة ربح معقولة، بل ب"فرمان سلطاني استثنائي" لتحديد السِّعر "شيلة بيلة".. ليصبح سعر التَّفَّاح رسميًّا هو نفسه بين مكان إنتاجه وبين المدن الكبرى والأأسواق اليوميَّة والأسبوعيَّة والمتاجر الصُّغرى والمغَّازات الكُبرى، وكأنَّك في "الدَّولة الشُّيوعيَّة" الَّتي تُسيِّر السُّوق تزويدا وتسعيرا وتسويقا..
وقرَّرت تخصيص 10% فقط نسبة ربح بين تُجَّار الجُملة وتُجَّار التَّفصيل.. ونسيت أنَّ الدَّولة توظِّف نسبة 2% على حجم معاملات المتعاملين بأسواق الجملة وتستخلض 5% بعنوان الأداء على القيمة المُضافة.. يعني الفلَّاح يبيع سلعته مع احتساب الأداءات المستوجبة للدَّولة، والتَّاجر يدفع أداءاته ومصاريفه مع تسقيف ربح إجمالي ب 10%، بما فيها قرابة 7% من الأداءات المُوظَّفة دون احتساب المصاريف.. مما يعني إجبار البائع على البيع بالخسارة، وهو ما يمنعه القانون..
فماذا يتبقَّى من هامش ربح لتُجَّار التَّفصيل بعد اقتطاع الأداءات واحتساب كلفة النَّقل والمحروقات الَّتي ألهبت أسعارها جيب الفلَّاح والتَّاجر والمستهلك..
هذا القرار الوزاري "الاستثنائي" غير المدروس هو أفضل وسيلة لتشجيع الفساد والرَّشوة ولقطع السِّلع من السُّوق القانونيَّة ولتشجيع مسالك التَّوزيع الموزاية الَّتي يحلو لرئيس الجمهوريَّة تسميتها ب"مسالك التَّجويع" في فهلوة لُغويَّة عاجزة عن تقديم الحلول..
فهل قرأت وزيرة التَّدابير الاستثنائيَّة للتِّجارة للفيلسوف التُّونسي ومؤسِّس علم الاجتماع سيدي عبد الرَّحمان ابن خلدون..