حين لا نغضب للقب "طرطور" و"كاراكوز" هل يجوز أن نستاء من استعمال صيغة "نمرمدوك" ؟

Photo

على إثر نشر تدوينة "رسالة إلى السيدة سنية مبارك"، بعض الأصدقاء عبّروا عن استيائهم من استعمال مفردة "تمرميد" من طرف بعض المُدوّنين كما أنّ هؤلاء الأصدقاء قالوا أنّ من غير اللاّئق مُخاطبة السيدة وزيرة الثقافة بالقول "استقيلي وإلاّ نمرمدوك".

طبعا لو كنّا في سياقات أخرى غير سياقات السياسة الممرمدة، ولو كانت التفاعلات تدور داخل مشهد سياسي يتميّز بحدّ أدنى من العقلانية والحسّ السليم لقلنا "عندهم ألف حقّ". صحيح لا يجوز استعمال هذه المُفردات ونحن نتحدّث عن مؤسّسات "الدولة" ومن العيب مُخاطبة شخصية وطنية تُمثّل الثقافة والمُثقّفين بهذه الصيغة. ويُفترض بي وأنا صاحبة التدوينة أن أعتذر من الأصدقاء وأن أخضع إلى مُحاكمة تليق بموقع "الزرّاع".

لكن حين نكون في سياق آخر حيث وقع استعمال مُفردة "نمرمدوك" من طرف مُستشار هيبة الدولة مُخاطبا هيبة الدولة نفسها المُتمثّلة في رئاسة الحكومة، وحين يقع تداول هذه المُفردة من طرف السياسيين وممثّلي "مؤسّسات الدولة" في أعلى مُستوى، ولا يُبد هؤلاء الأصدقاء أي تذمّر ولا يُعبّرون عن عدم رضاهم ولا عن اشمئزازهم، فهذا يعني حسب رأيي، أنّ المسألة تتجاوز الدفاع عن "العقلانية" و"الحس السليم" وهي فقط "الفزعة" من أجل وزيرة تُمثّل وزارة "العرابنية" الذين "مرمدوا" تظاهرة في مُستوى "صفاقس عاصمة الثقافة العربية".

هذه الوزيرة والتي سبقتها تعاملتا بخفّة وعدم اهتمام مع ملاحظات الفاعلين الاجتماعيين ومع اقتراحات المُثقّفين من أبناء الجهة، ولم تكترثا للغضب الذي عبّروا عنه إزاء أشكال إدارة وتسيير الموارد المادية والرمزية للحدث، ولم تنتبه السيدة سنية مبارك وهي تجلس بين وزراء الثقافة العرب وتُشاهد فعاليات التظاهرة إلى أنها بصدد ارتكاب خطأ في حقّ صفاقس ثقافة وتاريخا وشعبا.

لا بدّ أن نشير هنا إلى أنّ استعمال هذه المُفردة من طرف المُدوّنين جاءت لتُعبّر عن الاشمئزاز والقرف من مُعجم المُصطلحات التي بات يستعملها رجال "الدولة" في تونس. وقد وقع استعمالها بشكل مُكثّف في مواقع مُختلفة بصيغ التهكّم والاستياء، وعدم الترحيب.

فبعد مُفردة "طرطور" التي خوطب بها رئيس الجمهورية السيد محمد مُنصف المرزوقي ومُفردة "كاراكوز" التي خوطب بها رئيس الجمهورية الحالي وبعد استعمال هذا الأخير لكلمة "برّى رهّز" لا أرى أنّ مُفردة "نمرمدوك" خارجة على السياق العام.

صحيح أنّ "الزرّاع" هدفهم الرئيسي زرع بذرات الوعي والتأسيس لممارسة مُغايرة والقطع مع هذه المُفردات الركيكة، لكن لا بأس أحيانا من وخزة حتى ننتبه إلى أنّ أغلبنا يكيل بالمكيالين ولا يحسّ بالوجع إلاّ حين يكون "الدقّ في الدربالة"…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات