ما أزعج بورقيبة وبن علي هي "الحرية"

Photo

كشفت الجلسة المخصّصة للإعلام في هيئة الحقيقة والكرامة عن حقيقة مهمّة: لم يكن الإسلام السياسي المُستهدَف الوحيد من طرف النظام البورقيبي والنوفمبري ولم تكن مُشكلة النظام مع "الإسلام" كطقوس وشعائر وإنما مع الإسلام كفعل مُقاوم ومُنتفض ولم تكن مُشكلة النظام مع "اليسار" كأيديولوجيا وإنما مع اليسار كفعل مُناهض للدكتاتورية ومُضادد لحكم الحزب الواحد…

ما أزعج النظام هو ما تُنتجه "الكلمة الحرّة" و"الفعل المُقاوم" من لا-يقين في مشروعية الهيمنة التي يُمارسها على مُؤسسات المجتمع وعلى ثروات البلاد ...ما أزعج بورقيبة هو أن يُنازعه بن يوسف السلطة وأن يشاركه الحبيب عاشور المشروع، وأن يُهدّد الإسلام السياسي وجوده...

وما أزعج بن علي هو أن يُنازعه الإسلاميون الإنقلاب على السلطة وأن يكشف "الإعلام الحرّ" بؤس المشهد ورداءة المُحيطين به وأن يعرّي المُعارضون الأحرار حقيقة حُكم العائلة ونيّة التوريث ومافيا الطرابلسية ولوبيات القصر...

ما أزعج بورقيبة وبن علي هي "الحرية" كائن من كان المنادي بها والفاتح لحصونها والمناضل من أجل فرضها.... لأنّ الحرية تُهدّد عروش المُستبدين.

لم تكن هوية الفاعل هي المُدانة (إسلامي - يوسفي - يساري- عروبي)... وإنّما هوية الفعل هي التي كانت مُستهدفة... الأنظمة الشمولية تبتلع الفعل الحرّ وتفترس الفاعلين الأحرار مهما كانت هوياتهم....

كشفت هيئة الحقيقة والكرامة أنّ المُشترك بين المُضطهدين (يسارا ويمينا) هو بُرج الرومي وهرسلة البوليس السياسي وملاحقات خفافيش الليل وبرودة جيولات الداخلية وتكميم الأفواه والمراقبة اللصيقة...

فقط الفرق في الكم وليس في النوع.

كشفت هيئة الحقيقة والكرامة أنّ بن علي لن يعود وأنّ عهد الإستبداد انتهى وأنّ الغد أفضل... لأنّ "الحرية" تحوّلت إلى مُقدّس و"الكلمة" انطلقت كرصاصة و"الفعل" تحرّر كحصان جامح... كشفت هيئة الحقيقة والكرامة أنّ "الحرية" هي الثروة الوطنية التي لا تُقدّر بثمن....

شكراً سهام بن سدرين حتى وإن اقتصر فعل الهيئة على توثيق وتدوين "الحقائق"… شُكرا لجميع من أدلى بشهادة حتى إن كانت مُرتجلة ومشوّشة وغير كاملة. شُكرا لمن ساهم في كتابة التاريخ بذاكرة المَذبوحين…

في كتابة الذاكرة "إعتراف" وفي الإعتراف بعض الكرامة… وما أنجزته الهيئة بداية المسار من أجل "الحقيقة والكرامة"…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات