المواقف التي تُبنى على انطباعات ومصالح شخصية أو على إملاءات وأجندات خارجية تتغيّر كما تُغيّر الحرباء لونها ... أمّا المواقف المبنية على قراءات مدعومة برؤى ومرجعيات تبقى ثابتة حتى إن تغيرت السياقات....
الثبات لا يعني الجمود ...فقد تُعدّل المواقف لكن على أساس تقييمات ومُناقشات ومُراجعات او دخول مُعطيات جديدة في قراءة المشهد... لأنّ الواقع مُتحرّك وكلّ يوم هناك فاعلين جدد وأحداث جديدة ومُعطيات إضافية وبالتالي المواقف والآراء يلزمها تكون ذات طابع ديناميكي لكن AXE يبقى مُتجه نحو نفس القبلة (العدالة).
هذه "الحرباوية" في المواقف جعلت "الشيوعي" واقف مع منظمة الأعراف ويدافع على اليبرالية والرأسمال المُتوحّش ويتحالف مع الكمبرادور ويدعم قرارات صندوق النقد الدولي ويشرب من بول البعير ويأكل من فلوس البترودولار... ويحط يديه في يد الرجعية الدينية ويطلب ودّ "الإخوان" ويتحالف مع أقصى اليمين ويدخل في انتخابات تموّلها الإمارات ويلبس جبّة ويمشي للإحتفال بليلة القدر ويصلّي العيد في جامع الزيتونة....
وجعلت "الإسلامي" واقف مع المُتسلّطين ويدعم في المُرتشين والفسّاد ومتحالف مع السرّاق وواقف ضدّ روحه ويدافع على منظومة هرسلته ومُتصالح مع نظام يلعب ضدّ القيم والمبادئ المؤسسة لفعله... ويحطّ يديه في يد المُجرمين الدوليين ويسكت على انتهاك المُقدّسات ويتلقى الأوامر من حلفاء جدد كانوا في السابق ألدّ الأعداء…
غياب البوصلة التي تثبّت AXE في اتجاه القبلة أنتج فاعلين سياسيين دون عقل سياسي ومجتمع مدني دون ضمير وشعب دون وطن.
والأدهى والأمر هذا "المُنتج" الجديد من سلع مضروبة تتجوّل في أسواق التواصل الإجتماعي... مُدوّنون أو باعة مُتجوّلون لا رأي لهم إلاّ ما تُمليه عليهم مكاتب الأحزاب أو يأمرهم به أسيادهم الممولين. جنّدوا أنفسهم أو جنّدوهم لمُحاربة كلّ قلم حرّ يكتب ضدّ التيار أو يُحاول خربشة الأوهام السائدة... نوع من "المُدونين" تبلّد وعيهم وتجمّدت عقولهم واقفين في لحظة تاريخية خارج السياقات التي فرضتها الثورة...
هم عاجزون عن إنتاج رأي أو مناقشة فكرة أو حتى فهم ما يدور حولهم من وقائع وأحداث.
للأسف شيئا فشيئا نتجه نحو تنميط "الإنسان"... بتسطيح الوعي وتحريم النقد وتجريم النقاش وتكفير الرأي المُخالف هكذا تُبنى عوالم باردة وجامدة معششة بداخلها فيروسات تنتظر ارتفاع درجات الحرارة لتتكاثر وتتضاعف وتنتشر فيكون "الخراب"…
الإنسان في القرآن يعني المعصية ويعني الإرادة ويعني التدبّر ويعني المسؤولية... الإنسان هو "مشروع" الله في الأرض.