خرجت من عند طبيبة الأسنان مُسرعة في اتجاه محطة برشلونة حبيت نروّح قبل ما تتحير الوجيعة وتصبّ الأمطار... عرضتني جحافل المُسافرين والمحطّة أرمي الغربال يركح…
آش فمّة؟ ما فماش قطارات... مضربين!!!!!! علاش؟ آش طالبين؟ حتى واحد ما يعرف !!!!!
نساء ورجال وكبار وصغار وطلبة وعائلات مروحين إلى بلدانهم وعباد حايرة في أمرها وشيء يحزّن... والمحطّة تعجّ عجّا.... وصوت يتردّد عبر المكبّر الصوتي "تتعطل حركة القطارات من الساعة الحادية عشر إلى الساعة الواحدة"…
الناس تتلفّت لبعضها "آش قالت؟"... "ما سمعتهاش"... "هاو قالت يرجعوا مع ماضي ساعة"... "إيه كيفاش نعملوا؟"... "أنا صغاري في المكتب وما عنديش شكون يروح بهم"... "أنا عندي موعد نصف النهار مع الطبيب"..."أنا نخدم ماضي ساعة والله عرفي يطردني"... "زعمة نتشاركو في تاكسي"... "حتى النقل الجماعي ما فماش"... "محطة اللواج من غير ما تمشي بضرب البونية"..."إيه كيفاش تو؟…
مشهد فيه الكثير من الإذلال ومن الإبتزاز... فيه الكثير من قلّة الإحترام للمواطن. مشهد يعكس عُمق "النذالة" وقلّة الحياء متاع باندية الشيمينو... خاصة لمّا تشوفهم واقفين يتبوربو أمام الإدارة ويدزّوا في صدوراتهم كأنهم جابوا الشاهد من وذنه…
الأيام القادمة سيكون التحدّي بحجم الوطن... والرهان: "نكون أو لا نكون". لا عاش في تونس من خانها ولا عاش من أذلّ "أولاد الحفيانة". نقابات "الجيش الإنكشاري" ومرتزقة "الإتحاد" وباندية المرفق العمومي... ماشي في بالهم يتحدّوا في الشاهد وحكومته وهم يمرمدوا في أولاد الحفيانة ويطمزوا في أعينهم بأصابعهم…
الحي يروّح... أما قلّة الرجولية ما عندهاش دواء. فايقين بكم... وتعلّمنا من ثورة سبعطاش التغربيل وتمييز النخالة من القمح الصلب…
تبّا…