حين ندقّق في السير الذاتية لأغلب قيادات الأحزاب والمنظمات العريقة والهيئات الجديدة نكتشف أنّهم وإن كان عندهم "قفّة شهايد" فإنهم عمرهم ما اشتغلوا (أهمّ قيمة إنسانية) قبل الثورة كرها وبعد الثورة اختيارا.... هم مُتفرّغون للعمل الحزبي/السياسي/النقابي/الحقوقي ويأخذوا في شهرية (محترمة( من الحزب أو من الدولة أو من جهة معلومة وغير معلومة.
وفيهم من اشتغل وكانت عنده وظيفة في القطاع العام أو الخاص وبعد الثورة غنم موقعا يدرّ عليه دخلا أفضل وامتيازات أكثر (مادية ورمزية ( فخيّر التفرّغ وانظمّ إلى 300 ألف بطّال... ولذا لا تنتظروا منهم قيمة مضافة ولا تتوقّعوا أن يُعبّروا عن آراءهم ولا أن يُدافعوا على مواقفهم ولا أن يُفرّطوا في كراسيهم فهم يشتغلون لحساب "العرف الكبير" وكان يخرجوا على طوعه يسكّر عليهم "الفانا"... وسيجدون أنفسهم (وعائلاتهم) خارج التصنيف )إجتماعيا واقتصاديا).
وهناك أمثلة كثيرة لا فائدة من ذكرها.
بعد الثورة الناس المحسوبة على المعارضة التاريخية أو المحسوبة على الثورة بعضهم تعوّد بالشهرية وبالسفر وبالنزل خمسة نجوم وبالمطاعم الفاخرة وبالسيارات الحكومية وبالمواقع وبالكراسي وبالإمتيازات وبالدولار (argent de poche) وخاصة بالبطالة... وبعضهم الآخر تورّط أو ورّطوه في قضايا فساد وذوّقوه "المال الساهل" وكلّه من أجل المشروع يهون (التمكين والتموقع…(
لا تنتظروا من نخبة قديمة انتهازية (تتمعّش من تاريخها) باعت دماء شهداءها ولا من نخبة جديدة طمّاعة (لهماقة) باعت دماء أولادها وأزواجها وأخوتها... أن تُساهم في تغيير حال البلاد والعباد وإن بدا عليها "الثوران" و"الغليان" ....................
La merde ne se transformera jamais en or
شرط شروط الإنخراط في حركة التغيير وحراك النضال الإجتماعي (الشعبي :( "التحرّر" المادي والرمزي من هيمنة قوى الجذب إلى الوراء (الدولة العميقة والأحزاب العمميقة والسفارات العميقة) ... والزهد في المواقع وفكّ الإرتباط بالمال السياسي الذي أفسد مؤسّسات المجتمع.
انتهى.