ليس الباجي لأنّ تلك حدود الله بل هم:
- الشباب الذي فرّط في القصبة2، وأوكل أمر الثورة للمُحَنّكين وأشباه المُناضلين؛ وخلوه يلهث خلف "استحقاقات" وهمية (المجلس التأسيسي والبرلمان والبلديات)؛
- قواعد الأحزاب التي قبلت أن تكون "قطعان" يقودها رُعاة محلّيون ودُوليون؛ فقدوا إرادتهم وباعوا عقلهم النقدي مُقابل مواقع باهتة وامتيازات مؤقّتة؛
- النُخب الجديدة التي انخرطت في معارك التموقعات، وقبلت أن تكون كباش نطيح؛ وعوض ان تبني مخابر لصناعة الوعي المواطني أصبحت تُمارس المُقاولة والدهينة، فلم تُراكم مصداقية تبني بها رأس مال رمزي يحوّلها إلى مُتكلّم يُنصت إلى تحاليله وآراءه، بل أصبح لها بريستيج يُخوّل لها دخول معارك التموقعات لتُنافس النخب القديمة؛
- المُدوّنين الذين وقع تجنيدهم من طرف الغرف الخلفية للأحزاب وأصبحوا يشتغلون بالكوموند؛ وتحوّلوا إلى صنّاع فتنة ومُقاولين يخدموا حسب الطلب؛ وتوسّعوا ليشكّلوا شبكات مُستقرة تنشر الوعي الزائف وتُكرّس اللاّفكرة.
نحن جميعا من رسم تلك الصورة المُذلّة التي دارت العالم "تونس كبوطها طايح"… نحن من خدش حياء تونس وتسبب في إذلالها. والتقط لها تلك الصورة المُهينة.
نعم نحن من فرّط في استحقاقات الثورة وبقينا نلهث خلف العاجل والمستعجل والبوز… نحن من خان تونس وتركناها بين براثن الذئاب والكلاب السائبة…. نحن من قبل بالمُرتعشين والمُنتعشين والخارجين من جبّانة التجمّع. تحت يافطات "المُصالحة" و"الحوار الوطني" و"التوافق" و"التكتيك" وvote utile…
نحن لم ننجح في بناء "المُشترك" ولا في التأسيس لمُناقشات جدية… ولا في التأثير في الرأي العام ولا في الضغط على صنّاع السياسات.
نحن مربّعين يدينا أمام الحاسوب وننتظر في "الحدث" لندوّره كالكعكة ونلوكه كالعلكة ثمّ اول ما يأتي "حدث" سخون نتلقّفه لننطلق في دورة جديدة من تدوير الكعك… وساعة ساعة نتسيّب على بعضنا ترذيلا وتخوينا وتكفيرا.
من لم يشعر بالذلّ والمهانة وهو ينشر تلك الصورة… صعيب يفهم معنى "تحيا تونس" و"محبة تونس موش كلام"…
لا عاش في تونس من طيّح لها كبّوطها…