منذ القصبة 2 هناك قوّة تقودنا نحو وضعية اللاّ-فعل ... كلّ مرّة يقع تجريدنا من أحد مُحرّكاتنا فيتعطّل المسار الثوري ويُصاب الفعل الثوري باللاّ-جدوى... من شعار "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق" وديغاج يا خمّاج و"شغل حرية كرامة وطنية"... تحوّلنا إلى المطالبة بمجلس تأسيسي (تعطّل الفعل أكثر من 3 سنوات من أجل كتابة دستور وقع خرقه منذ الوهلة الأولى) ثمّ انتخابات تشريعية ورئاسية أعادت لنا رموز المنظومة القديمة...
ثمّ هيئات دستورية مُعطّلة شوية شوية أصبحت مشكلتنا التجديد لتلك الهيئات المُعطّلة وخايفين من تزوير الإنتخابات ومتوقعين التلاعب بالصندوق وحاطين يدينا على قلوبنا خايفين على مشيخة مدينة تونس وغاضبين على رئاسة بلدية القصرين وسيدي بوزيد لأنها مشات للنداء (يحكم فينا النداء في قرطاج وفي القصبة وفي البرلمان وبالفوت أوتيل متاعنا زادة) ومتوافقين مع النداء ومتحالفين معه ونلوموا على شعب القصرين وسيدي بوزيد ونسبّوا في الناس إلّي انتخبوا التجمعيين...
موش أحنا رجّعناهم بقانون المصالحة وعدم المصادقة على قانون العزل السياسي؟ وبوّأناهم رئاسة قائماتنا الإنتخابية…
شهرين وأحنا متعاركين على مجلة بشرى ... رغم أنّ الكلام الذي قاله الغنوشي في كتاب حوار مع رافانلّو كان أكثر جرأة من مجلّة بشرى (في موضوع المثلية والحريات الفردية)... لكن نحن بافلوفيين وانطباعيين وفوق هذا جاهلين.... وندّعي اننا نُمارس في البراغماتية.
شوية شوية أصبحنا ننتظر في خطاب الباجي باش نعرف نتيجة الدربي (حافظ-يوسف) ونستنى في بيان الغنوشي باش "نفهم" إلى أين هازتنا التوافقات وآش باش يقول الشيخ التكتاك ونترقّب في تصريح الطبوبي باش نحضّروا رواحنا للأسوأ...
المرزوقي غطّسوه في المشاكل الهيكلية والتنظيمية للحزب وعبو ضيعوا له البوصلة والعيادي جنّنوه وياسين العياري حقنوه بفيروس العظمة والمدوّنين غاطسين في "التنبير" وحتى لمّا واحد منهم يخرج على السرب يبعثوا له "طيور" العسّة يرجعوه للطريق المُستقيم...
10 مليون تونسي بكبارنا وصغارنا أصبحنا مُحلّلين في كلّ شيء... ونقفز من موضوع إلى آخر ومن قضية إلى أخرى... وكيف نقلقوا ندوروا على بعضنا نسبّوا رواحنا ونتهجّموا على ذواتنا ومن بعد نرجعوا للتنبير…
فعلنا شادين شمعة لولد الباجي ونستنى في ليلة الدخلة (2019) رغم أنّنا مُتأكّدين أنّ حافظ ليس العريس المناسب... لكن ننتظر ولا نفعل.... نترقّب آش باش يقرّروا الشقوق وأي شقّ باش يهزّ الطُرح؟..
فقط ننبّر ونفرّغ في قلوبنا ونفسّ ولكن لا نفعل ... لا نؤثّر في مجرى الأحداث لأنّهم سلبونا جميع مُحرّكاتنا وتركونا دون بوصلة....
البلاد بحاجة لعقول هادئة وناس تفكّر بعديا عن تجاذبات الشقوق والرتوق... عقول تؤسّس لمناقشات هادئة ترسم المشهد الحالي وتستشرف وُجهته.