معركتنا مختلفة تماما... سنخوضها بعد ما يقتلوا بعضهم

Photo

الأستاذ حين يبلغ سنّ الـ60 سنة يكون مارس مهنة التدريس لمدة تُقارب الثلاثين سنة... يعني يكون درّس الأبّ وابنه..... ويكون تحوّل إلى "ماكينة" تشتغل بدون روح. من أهمّ المحاور التي يقع تدريسها في المعاهد مسألة "صراع الأجيال"...

كيف لأستاذ بينه وبين تلامذته جيلين ان يفهم التغيرات التي طرأت عليهم شكلا ومضمونا؟ كيف يستطيع الأستاذ أن يتفاعل مع جيل "المعرفة الساهلة" و"المعلومة المُصطنعة" و"التقنيات المحمولة"؟ واللغة المُشفّرة وكلّ شيء "مريقل"…

كيف لأستاذ تعوّدت أذنه على "الأطلال" و"هذه ليلتي" لأم كلثوم أن يتفاعل مع جيل "حوماني" و"نحبّ نقطّع" و"حمامة طارت"؟ كيف لأستاذ درّس المنفلوطي وجبران خليل جبران والمسعدي ... والبؤساء وcosette... أن يتفاعل مع تلامذة ما يصبروش على قراءة 4 صفحات من كتاب الأيام لطه حسين؟

المدرسة لم تعد وظيفتها تعليمية (بمعنى التلقين( والأستاذ لم يعد دوره صبّان مُقرّرات وتسجيل حضور وامتحان في آخر السداسي... ومجلس علمي يُقرر ارتقاء التلميذ أو رسوبه... حتى النجاح في الباكالوريا فقد معايير التقييم. (12 و14 مُعدّل لم تعد تُسمّى نجاح(... التعليم في زمن العولمة أخذ أبعادا أخرى فيها التنموي والبشري والثقافي والتكنلوجي …

مُجتمع المعرفة الموعود لا يبنيه "السياسي" ولا "النقابي" ولا "المُتنبّي" ولا "أبو حيّان" ولا "حدّث أبو هريرة" ولا "الهيكل العظمي متاع الإنسان" ... بل تبنيه عُقول هادئة تشتغل داخل سياقات مُعولمة وبأفق مفتوح على الثقافات الأخرى... تبنيه عقول فاهمة التغيّرات ومواكبة التحوّلات ولها وسع البال للموائمة بين سياسات "نقل المعرفة" وواقع "تقبّل المعرفة"....

المسألة أكثر تعقيدا من حكاية سنّ التقاعد ومُعاندة الوزير وتبوريب النقابة... المسألة لها علاقة بإدارة النقاش حول منوال "بناء" الأفراد من أجل مُجتمع سليم من التشوهات …

إلى الأولياء: ردّوا بالكم أولادكم يدخلوا في عركة الأساتذة والوزارة أو بالأحرى هي عركة النقابة مع المركزية أو هي عركة نداء الباتيندا ونداء النهضة… أو بشكل دقيق هي عركة الباجي والغنوشي بعد الطلاق بالتراضي…. حول الحضانة والنفقة.

العركة مُتعدّدة الأبعاد 7D وكلّ واحد يحب يستعمل الموارد المُتاحة لتحسين شروط التفاوض… اجلسوا مع أولادكم وفهّموهم أنّ العركة أكبر منهم وأنّهم مجرّد وقود للتسخين فشهر جانفي على الأبواب والشتاء بارد… والأطراف الكلّ تحب تدفّى.

حتى كان يحبّوا يحتجّوا وهو حقّهم خاصة ونحن نعيش في أجواء الديمقراطية المُشاعة… يحتجّوا بشكل حضاري وسلمي ومن غير تكسير ولا كلام زايد ولا اعتداء على الأساتذة … الأساتذة بدورهم واحلين وحلة المنجل في القلّة….

الأساتذة ما فيها باس تتحاوروا مع التلامذة وتبيّنوا لهم وجهة نظركم وترفعوا الإلتباس الحاصل في أذهانهم… احضنوهم وفسّروا لهم وما تعاديوهمش… وخاصة ما تستعملوهمش للتمترس….

المعركة الإنتخابية بدأت على بكري والضرب تحت الحزام والأسلحة كلها مُتاحة… هيئة الشهيدين وسليم الرياحي ولزهر العكرمي ومنى البوعزيزي وأنس الحطّاب وطوبال كلّهم أكباش نطيح…. ومازالت الكركارة تجيب.

هي معركة "الطبقة السياسية" خلّوهم يخوضوها بمواردهم… ولا تردّ فاس على هراوة.

معركتنا مختلفة تماما… سنخوضها بعد ما يقتلوا بعضهم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات