أظنّ أنّ جملة "موتوا فتفتوا أنا الملكة" تُلخّص عمق الرداءة التي وصلنا إليها: سياسة وفكرا وعلما وثقافة... هي جملة يمكن أن تختصر الظريق أمام علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء السياسة وتُقدّم لهم الفكرة الأساسية لبناء أنموذجهم التحليلي للواقع التونسي.
هذه الجملة مثّلت خميرة التفاعلات البينية للتوانسة طوال خمس سنوات - سواء أكانوا سياسيين أو مثقّفين ، خبراء أو إعلاميين أو كانوا جيوش إنكشارية ومرتزقة داخل الأحزاب السياسية ذات الأيديولوجيات المختلفة... حتى داخل الفضاء الجامعي كانت هذه الجملة تتردّد على مسامعنا بلغات متباينة لكنها تؤدّي نفس المعنى: بين عمداء ومدرّسين جامعيين وبين رؤساء جامعات وسلطة إشراف وبين نقابات وجامعات وبين طلبة وأساتذة....
إذن ما قالته مريم بن مولاهم في إطار عركة بين "نجمات" السوق الثقافية ينطبق على بقية الأسواق التونسية (السياسية والثقافية والفكرية والعلمية..) وهو يعكس أزمة حقيقية في الوعي والممارسة والمخرجات.
ليست الثورة من أنتج هذه الأزمة ولكنّها سرّعت بتعريتها وكشفها... بلاتوهات الإعلام كشفت الوجوه المخفية لأغلب الفاعلين السياسيين بمختلف مشاربهم وتوجّهاتهم.. والإنتخابات و"الفوت أوتيل" كشفت وهم "الديمقراطية"... وتواتر الحكومات وفشل الأحزاب السياسية في إدارة الشأن العام يعكس كذبة "الدولة"... والتفاعلات بين المدوّنين في عالمنا الإفتراضي يعكس زيف الوعي،
الثورة عرّفتنا على أنفسنا وجعلتنا نُدرك حجمنا الحقيقي، الثورة جعلتنا نكتشف أنّنا "مريم بن مولاهم" بترجمات مختلفة.
موتوا بغيضكم... ويا صفر فاصل... أو يا جبل ما يهزّك ريح... أو كلب ينبح على طيّارة... أو يا بجبوج يا معذّبهم... أو الله أحد تيييت ما كيفوا أحد...
جميعها "موتوا فتفتوا أنا الملكة" بلغات مُختلفة.