50 تونسي غرقوا في البحر و التلافز تغنّي

Photo

كانت أمّي رحمها الله تقول "ربّي يهنينا ويهنّي جيراننا"... يعني أنّ الفرحة يتعكّر صفوها وينتزع ميزاجها حين يكون الجار موش متهنّي وإلاّ مهموم ... كنّا لمّا يموت جار نحزن لحزن عائلته ولا نُبدي علامات الفرح والزينة احتراما لمشاعرهم.

نسكّر التلفزة وما نحلّش الراديو وحتى كيف ينجح أحد الأبناء في الباكالوريا ما نزغردوش... ولمّا يكون عندنا عرس سابق أغلب نساء العائلة ما يحنّوش (احتراما) وماخذة في الخاطر في الحي.

أكثر من 50 تونسي غرقوا في البحر وعائلات منكوبة وقرى عمّها الحزن ... وناس محروقة على أولادها... ومؤسسات الدولة لا تُظهر الحدّ الأدنى من التضامن (حتى بالكذب) ... التلافز تغنّي وتبث في البرامج بشكل عادي والإذاعات تبثّ في الزهو والطرب والمدوّنين ينبّروا ويتكومكوا وينشروا في صورهم في حفلات وسهرات وعيد ميلادات ... والسياسيين مجتمعين من أجل تقاسم كعكة الحكومة....

وكأن كارثة لم تقع على بعد 300 كلم من العاصمة…. حين لا يُوَجّه الوجع تفاعلاتنا وردود أفعالنا وحين لا تُحرّك صور المغدورين وعائلاتهم مشاعر التضامن ولا تصنع "المشترك" … فما الذي يُوحّدنا؟

يبدو أنّ الإفراط في الأنانية والفردانية جعلنا نُفرّط في قيم المؤازرة والتضامن…. 50 سنة من السير الحثيث نحو ترسيخ قيمة "الفرد" وتحطيم قيمة "الجماعة"… والشعار "قال له يا جحا الضرب في داركم قال له اخطى رأسي واضرب"… لكن الضرب جاينا جاينا.

الحداد واجب وطني… والوجع "مُشترك".

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات