وجهة نظر: تقرير "بُشرى" لا يتوائم مع ثقافة المُجتمع التونسي

Photo

أنا لست مع/ضدّ تقرير "الحريات الفردية" في المطلق لأنّ المسألة أعمق وأعقد من اتخاذ موقف موافق أو مضاد بالجملة... لكن بالنسبة لي الإعتراض فقط عن الشكل فالمسألة تتعلّق بالمُقاربة التي استعملها أصحاب التقرير وهي حسب رأيي فيها تعالٍ كبير على تصورات المجتمع وتجاهل مُتعمّد لثقافته وتمثلاته واستفزاز لعقيدة الأغلبية.... واستنقاص من قدرة المجتمع على تحديد أولوياته ومطالبه... هي "مُقاربة بورقيبية" سماتها الإسقاط والقسر والإجبار ونتائجها ما نُعاينه من انشطار للمجتمع وتخلّف مٌغلّف بالحداثة والتعصير…

منذ أشهر صدر تقرير الحالة الدينية في تونس وفيه توصيف دقيق للمشهد الديني ويتضمن أيضا دراسة ميدانية فيها مؤشرات وأرقام مهمّة تتعلّق بوجهة نظر المُجتمع التونسي في مسائل وردت بالتقرير (المساواة والتعدد)....

صحيح أنّ أهمّ رهان لتقرير الحالة الدينية هو تحرير الشأن الديني من هيمنة السلطة السياسية والهدف أن يخرج النقاش من الخاص إلى العام وأن يتخلّص التعاطي من الإثارة والإستفزاز والمناسبتية... لكن الأهمّ حسب رأيي انّ التقرير يُقدّم تفاصيل مهمة حول المشهد الديني في تونس ويُفترض أنّ السياسيين والفاعلين يأخذون بعين الإعتبار الأرقام والمعطيات والتحاليل في طريقة إدارتهم للمسائل ذات العلاقة بهذا الحقل الملغوم ....

جميع المعطيات والمؤشّرات تقود إلى استنتاج أنّ تقرير "بُشرى" لا يتوائم مع ثقافة المُجتمع التونسي ولن يحضى بالقبول من طرف الأغلبية وسيكون فتيلا لإيقاد نار الفتنة... وسيُحوّل الشارع إلى حلبة اشتباك وتشابك…

الحقل الديني فاعلوه مُتعدّدون ومُتنوّعون والمتدخّلون رهاناتهم مُختلفة ولذا التحكّم في الشارع ليس مضمونا وردود الأفعال لن تكون مُتجانسة …

معركة رهاناتها لا حرية فردية ولا والو...الرهان انتخابات 2019 بتقسيم المُجتمع والتشويش على المسار واستدراج الشارع نحو المجهول....

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات