ما صرّح به برهان بسيس اليوم في "ميدي شو" مع أبو بكر بن عكاشة كلام مُهمّ وخطير في ذات الوقت.
- مهمّ لأنّ برهان بسيس ليس "فردا" يتصرّف بشكل معزول، ومواقفه أو أفعاله لا يبنيها حسب رغباته الشخصية. ولكن هو يُعبّر عن موقف "تيّار" داخل الماكينة القديمة. هذه الماكينة النوفمبرية التي تستعمل جميع الآليات من أجل استرجاع دورها في تسيير البلاد والتموقع من جديد في قلب المشهد السياسي التونسي.
- خطير لأنّ بسيس قام بتقسيم البلاد إلى إسلام سياسي )النهضة) من جهة والحركة الوطنية (النداء بعد أن تخلّص من الجسد الميّت وبُعثت فيه الروح من جديد) من جهة أخرى. كما أكّد على أنّ "القديم" أمر واقع ولا أحد يُمكن إقصاؤه أو نفيه. وهذا القديم هو النظام الذي حكم تونس من 1956 إلى 2011. دون أن يضع نقطة أو فاصلا بين فترة بورقيبة وفترة السابع من نوفمبر.
بسيس قزّم أو همّش بقية القوى السياسية التي تقف خارج النهضة أو خارج النداء واعتبر أنّ لا سفينة لخوض غمار السياسة خارج السفينتين.
جميع الذين يؤمنون بتاريخ الحركة الوطنية ويعترفون بوثيقة الإستقلال وبإنجازات "دولة الحداثة" من دساترة ونوفمبريين يركبون سفينة النداء.
وجميع من يثقون في الإسلام السياسي (الإسلام هو الحلّ) يركبون سفينة النهضة. البقية - الجبهة الشعبية والقوميين- لا سفينة تُخوّل لهم مُقاومة الطوفان.
برهان بسيس النوفمبري الذي بقي إلى حدود ليلة 13 يُدافع على سيّده بن علي، والذي اختبأ في جحره كالفأر ثمّ ظهر في إحدى التلفزات ذليلا مكسورا، اليوم يصول ويجول ويسمح لنفسه بتصنيف السياسيين وتحجيمهم ويقوم بقراءة الواقع واستشراف المُستقبل والتنبّئ بالمآلات.
من أين أتى بهذه الجرأة؟ من يقف خلف برهان بسيس؟ من يدعمه ومن يرعاه ومن يُحرّكه؟