مهما كان تقييمنا لأداء المعارضة بأحزابها الجديدة والقديمة بيسارها وبيمينها ومهما كان موقفنا من طبيعة خطابها وآليات فعلها وأشكال ممارستها للسياسة.... ومهما كان وضع المُعارضة الناشئة وواقع الفعل المُقاوم ومنسوب الوعي لدى شباب الثورة ومهما كانت وُجهة الحراك الاجتماعي وسيرورته ومُخرجاته....
فإنّ حركة النهضة تتحمّل الجزء الأكبر من المسئولية فيما آلت إليه "الممارسة السياسية" في تونس. فحزب حركة النهضة لديه الأغلبية البرلمانية والقاعدة الشعبية الأكثر اتساعا والموارد المادية والرمزية الأكثر ثراء... إلى جانب تجربتها الطويلة في ممارسة المُعارضة السياسية ومراكمتها الخبرة في التعاطي )تفاوضا ومُقايضة) مع الملفات الساخنة الاجتماعية والسياسية...
كما أنّ حركة النهضة تمتلك السلطة المعنوية والمادية على عدد من المُثقّفين والمُفكّرين والإعلاميين والسياسيين والمدوّنين .... ولديها علاقات مُتطوّرة بشبكات التفكير والسياسة الخارجية والداخلية ... ممّا يجعلها الفاعل الرئيس في المشهد السياسي التونسي والمؤثّر الأكبر في سيرورته ومآلاته.
أين ذهب رأسمال الحركة وفيما استثمرته وفي أي علبة سوداء طمرته حتى نُعاين هذه المُخرجات وهذا المنتوج... هذا المُستوى من الخطاب المُرتجل والمُرتبك وغير المؤسّس... وهذا الأداء الذي لا يحتكم إلى مرجعية ولا إلى فكرة. خطاب يعكس ضبابية في تقدير الموقف وانعدام أي رؤية استشرافية وغياب تام لأي عقل استراتيجي.
طغت على ممارسات الحركة البراغماتية في معناها السلبي ... حتى لا نكاد نرى غير الموقف ونقيضة والرأي وضدّه. لا نرى رجال سياسة يمتلكون آليات تحليل وخطاب مهيكل وفكرة مبنية ... فقط موظّفين سامين لدى حزب سياسي فقد بوصلته ولديه جيش إنكشاري "مُكلّف بمهمّة" لا يُحسنون حتى القيام بها على أصولها ... سدّ شغور وملئ فراغات. وجعجعة دون طحين.
وجاء يتبّع في مشية الغراب ضيّع مشيته !!!
عن أي انتخابات يُمكن أن نتحدّث والخلفية بهذه الهشا,شة ممارسة الديمقراطية التشاركية والحكم المحلّي له فلسفة وقواعد ... نحن لم نتجاوز الفصل الأوّل من مسرحية الديمقراطية التمثيلية.
ما لم يتشكّل مُجتمع مدني مؤثّر وضاغط وهيئات دستورية مُستقلّة وفاعلة ... الإنتخابات مُجرّد رسالة للمجتمع الدُولي لمنحنا بعض الأوكسيجين المغشوش بغاز الشيست.