في رمزية المشهد... إشارة خضراء تُنظم المرور على قنطرة "الجمهورية".

Photo

كمال المطماطي ليس فردا وإنما هو رمز لحقبة من تاريخ تونس كان شعارها الذي صدّعوا به رؤوس الخلق تأسيس "الدولة الوطنية" وترسيخ مبادئ "الجمهورية"…

ما يُسمّى بالدولة الوطنية الحديثة قامت ببناء جسور وقناطر ومحولات على جماجم المناضلين …اليوسفيين والنقابيين والإسلاميين… مهندسوها "نخب" كانوا ولازالوا يتوهمون أنّهم يمتلكون القدرة والمشروعية لبناء مجتمع على صورتهم. لأن "صورتهم" هي "الحقيقة" الوحيدة التي يجب القبول بها واعتمادها كمرجعية.

كمال المطمامي ليس شهيداً بل هو شاهد على جزء من تاريخ تونس سادت فيه هيمنة الدولة على جميع مؤسسات المجتمع: الدولة تتصور والدولة تخطط والدولة تنفّذ والدولة تُعاقب من يُخالفها التصور.

الدولة تُدير المشهد الديني والدولة تُخطط الإقتصاد والدولة ترسم السياسات التعليمية وتُبرمج التعليم العالي وتُهندس التنظيم العائلي وتتدخّل في خصوصيات المواطنين وفي مُعتقداتهم وفي ممارساتهم اليومية... والمجتمع ليس سوى خلطة من الإسمنت والتراب تُشكّله ماكينة الدولة داخل مُعلّبات مُنمّطة ومن يستعصي عليها تصبه في خرسانة.

كمال المطماطي ليس فقط "فعلا" موحشا في حقّ المجتمع ولكن بكشف ما تعرّض له من قبل الدولة البوليسة تشعل إشارة خضراء للعبور إلى تونس الأخرى.. تونس الإرادة وتونس التعدّد وتونس الإختلاف.

كمال المطماطي عُنوان لانهيار أسطورة "الدولة الوطنية الحديثة"... وضوء يجب أن نُحافظ على لونه الأخضر من أجل انسيابية حركة المرور حتى لا تنهار قنطرة الجمهورية الثانية.

رحمه الله هو وبقية أضواء قناطر "الجمهورية" ومحولاتها…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات