تبدأ الحكاية بإشاعة تزرعها جهة مشبوهة ثم "خبيّر" صغير يرميه ما نعرفش شكون ثمّ تدوينة معها تصويرة (اختيارها مدروس) وينطلق "الجدل" بين مؤيدين ومضادين وهذا يزيد الدقيق والآخر يزيد الماء... وتتوسّع الحكاية وبقدر ما يزيد الجدل وينخرط فيه أفراد لديهم "سلطة" رمزية، تتبنى مشروعيات التطبيع وهذا يبارتاجي والآخر يزيد "تصريح" والآخر يحط هاو "قالوا" وتنضاف معطيات جديدة ...
ويخرج النقاش من الجوهر إلى الهوامش و تتشكّل مجموعات تواصل إجتماعي خدمتها التبييض، وتتبنى صفحات مهمتها تدوير الجدل وتوسيعه وتوجيه الرأي العام.. وتتكاثر التعليقات وتولد "حقائق" ويقع التطبيع مع "الحكاية" ويتحوّل "الخبيّر" إلى أمر واقع... هكذا تَبْني اللّوبيات العالم الذي نعيش فيه.
مثلا تحوّلت إشاعة عودة سمير الوافي إلى المشهد الإعلامي من "نكتة بايخة" إلى مسألة طبيعية وأمر واقع وعلاش لا؟... والناس أصبحت مُشكلتها مع "التاسعة" وشكون وراءها وهاو قالوا عندها حصانة وبلا بلا بلا... وبعد مديدة تلقانا مقعمزين أمام الشاشة نتفرّج على جُرأة ولد الوافي…
فهمتوا علاش الإعلام في تونس ترتيبه في ذيل القائمة؟ لأننا نحن من يصنع أشباه الإعلاميين ونقبل بالمُنتحلين لصفة "إعلامي" ونروّج للوهم ونُصفّق للمتطفّلين … نحن ننخرط في عملية بناء "الواقع" الذي يُفرض علينا إراديا… نحن لدينا قابلية كبيرة للإستحمار…
سمير الوافي وأولاد الشابي وسامي الفهري دمّروا المشهد الإعلامي وعوّموه باللاّ-معنى وندبوا وجه تونس واخترقوا المُجتمع وحوّلوه إلى فيلم هنداوي يُرقص وحدو… وعودة سمير الوافي إلى المشهد…
دليل على أنّ الإعلام تتحكّم فيه لوبيات الفساد والإفساد التي تُراهن على تلهية "أولاد الحفيانة" وردم وعيهم داخل صناديق سوداء: "عندي ما نقلّك" و"مع علاء" و"خليل تونس" وشوفوا عاد ما هو الصندوق الجديد الذي سيفتحه ولد الوافي… وسيُهرول السياسيون وأشباه المُثقّفين للارتماء بداخله….
نعيب زماننا والعيب فينا….