كل دول العالم عبَّرت من موقفها من الحدث الجلل في سوريَّة الشَّقيقة وفي دعم تطلُّعات الشَّعب السُّوري الشَّقيق وتوقه للحرِّيَّة والكرامة، وعن أمنياتها بالحوار الجامع والوحدة الوطنيَّة والحفاظ على وحدة وسلامة سوريَّة وعلى السِّلم والأمن لكل مواطنيها بمختلف تنوُّعهم وثراءهم وتعدُّدهم، بعد فرار الأسد الابن وانهيار نظام الأسد الأب بعد نصف قرن من الاستبداد، واندثار نظام العَبث البعثي بعد سبعة قرون من الرُّعب والقمع الممنهج كطريقة حُكم.. إلَّا تونس..
فحتَّى آخر حلفاء الأسد في تِهران ومُوسكو عبَّروا عن ذات المواقف.. وحتَّى جامعة الدُّول العربيَّة تكلَّمت وأعلنت عن احترامها لإرادة الشَّعب السُّوري الشَّقيق ووقوفها إلى جانبه ونبَّهت من استغلال الدَّولة القائمة بالاحتلال لفرار جيش المخلوع من مواقعهم والسَّطو على المنطقة العازلة المُطلَّة على الجولان السُّوري المحتل منذ خيانة الأسد الأب.. إلَّا تونس..
فلا تزال سلطات التَّدابير الاستثنائيَّة تعيش بهْتة دبلوماسيَّة بلهاء، تلخِّصها الصُّورة المصاحبة، صورة الوزير عمَّار الوزير السَّابق للتَّدابير الاستثنائيَّة للشُّؤون الخارجيَّة على هامش أوَّل وآخر مصافحة بين الرَّئيس سعيِّد والرَّئيس السُّوري المخلوع بشار الأسد في القمَّة العربيَّة في جدَّة في ماي 2023، وهي القمَّة التي استحضرت الأسد الإبن لاستعادته داخل الحظيرة العربيَّة وإحكام عزله وسحب ورقة عدوانيَّة الجوار العربي الَّتي أبدع في توظيفها في خريف القمع.. ولم يفهم الرَّئيس سعيِّد ولا رئيس الدِّبلوماسيَّة وزير التَّدابير عمَّار (ولا حتَّى الفريق أوَّل طبيب عسكري طبيب والطَّبيب الخاص لرئيس الدَّولة والوزير المستشار السِّياسي كبير المستشارين الفرجاني، خارج الصُّورة) الموقف حينها..
ولم يفهم إلى الآن، وبعد يوم كامل من فرار المخلوع الأسد الإبن، لا الوزير النَّفطي ولا الرئَّيس سعيد ولا "البَاش كَرنوك كبير كرانكة السَّفسطة والهذيان" النِّحرير المنتدب حديثا سرِّيًّا في سراديب سقيفة القصر تحت أقبية الغرف الخفيَّة الخلفيَّة المُظلمة المتحكِّمة في أزقَّة الحُكم في تونس..
لم تفهم تونس التَّدابير الاستثنائيَّة والمخلوعُ السُّوري قد وصل بعد إلى موسكو فارًّا من عدالة بلاده وشعبه، وحصل وعائلته على اللُّجوء الرُّوسي "لأسباب إنسانيَّة" (؟)، ورئيس الحكومة ووزير الخارجيَّة في دمشق في طريقها لتسليم السُّلطة سلميًّا للمعارضة السُّوريَّة والعمل معها سويًّا على تأمين انتقال سلمي سلس يحقن الدِّماء ويحفظ الممتلكات والمنشآت والسِّلم والأمن؟؟؟
هاته البَهْتَة البَلْهَاء تعيق الدَّور بل التَّواجد الدِّبلوماسي التُّونسي في علاقاتنا متعدِّدة الأطراف وحتَّى الثُّنائيَّة، وتحعل من سفرائنا يتحاشون التعبير والحضور ويلوذون بالغياب، في وقت تحتاج فيه سوريَّة والعروبة والعالم لتونس ولصوت تونس ولموقف تونس ولحِكمة تونس..
وللأسف، فقد انعكست هاته البَهْتة البَلْهاء في الموقف الرَّسمي على "إعلام الوظيفة" و"بَبْغَأَة" البروباغاندا السُّلطانيَّة وترديد هذيان كرانكة تزييف السَّفسطة وتزييف الوعي في القطاعيْن العام والخاص.. ممَّا ساهم في مزيد ترذيل كثير من وسائل ذاك الإعلام لدى الرَّأي العام وتقزيم دوره ومصداقيَّته ومكانته..
فأيَّة بَهْتة دبلوماسية بلْهاء غير مسبوقة أصابت الدِّبلوماسيَّة التُّونسيَّة؟؟؟ ونحن الَّذين كُنًّا مضرب الأمثال في الاستباق وقراءة الأحداث وتقدير الموقف وصياغة وإخراج القرار والموقف الدِّبلوماسي؟؟؟
لماذا كلِّ البهتة لتونس، وبلادنا هي منبع الرَّبيع ربيع الشُّعوب ربيع الحُرِّيَّة والتُّحرُّر والانعتاق، ونحن على أبواب إحياء الذّكرى الرَّابعة عشر لانطلاق مسار هذا الانفجار الثَّوري العظيم في تاريخ المنطقة والعالم؟؟؟