لماذا لا يستمع البرلمان والإعلام للسفير معز السيناوي مهندس سياسات التقارب التونسي الإيطالي في ملفات الهجرة وغيرها والمرشح لقيادة الجبل الأحمر (الهيلتون سابقا) الشيراتون الشمالي لرئاسة الدبلوماسية التونسية؟
يتواصل السجال الوطني حول ملف الهجرة وحول "التفاهمات" السرية بين تونس والاتحاد الأوروبي عبر "وساطة" رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي ميلوني رئيسة تحالف أقصى اليمين الفاشسيتي الجديد..
ولإن نشر الجانب الأوروبي مقتطفات من الاتفاقية للعموم واعتبرها تتضمن بنودا تناقض مبادئ الاتحاد، وتعمَّد كتمان باقي البنود، فإن الطرف التونسي لا يزال "يُمانع" ويتمترس وراء سياسة "المُمانعة" في نشر الوثيقة للرَّأي العام..
ولا شيء يمنع برلمان دستور الرَئيس بغرفتيه برئاسة الثنائي "بودربالة ـ الدربالي" من مساءلة وزير الخارجية عمَّار وكاتب الدولة بن رجيبة والوزير الفقيه شَهَر نفسه ستالين للداخلية في حكومة الرئيس الرابعة والثانية للتدابير الاستثنائية برئاسة المِيسْيُو لُوغَال هَاشَانِي..
والأهم من ذلك، مساءلة السفير المخضرم معز السيناوي، مهندس العلاقات التونسية الإيطالية بين 2016 و2022.. والذي نظم أول زيارة للخارج للرئيس قيس سعيِّد لروما في "طنبك" الكورونا في جوان 2021، ووفَّر له أول اجتماع شعبي بعد توليه الرئاسة، وتفاوض على تمتيعه بالدكتوراه الفخرية (هونوريس كوزا) في "القانون الرّوماني، بالتعاون مع "قهرمانة قرطاج" مديرة الديوان الرئاسي المستقالة عديمة الكفاءة والتجربة والخبرة والمروءة..
وهي الزيارة التي طبخت فيها "التفاهمات" حول الهجرة وغيرها من الملفات، في حكومة ماريو دراغي التي ضمت في عضويتها رموز حركة "خمسة نجوم" لأقصى اليمين، قبل أن تترك مكانها لحكومة جورجا ميلوني رئيسة مجلس وزراء تحالف أقصى اليمين الفاشيستي الجديد وبعضوية أحزاب وحركات أقصى اليمين..
وفي كل المراحل كان الطَّرف الإيطالي واضحا في رغبته في مقايضة الدعم السياسي والدبلوماسي وبعض الُفتات المالي مقابل تحويل تونس وريثة "قرطاج" العظيمة سيِّدة الحضارة وسيِّدة البحار والمتوسِّط قاهرة روما وبيزنطة إلى مجرَّد حارس بائس "عسَّاس" على "قلعة روما"، والاجتهاد في تحصينها منَّا نحن الأفارقة من "غزو" من يعتبرنا أقصى اليمين العنصري الفاشسيستي "البرابرة" الذين ّيهدِّدون "نقاوة" العِرق الأوروبي ويبشِّرون بخطر "الاستبدال الدِّيمغرافي والعِرقي والدِّيني"، سواء في معزوفة "سالفيني" أو في معزوفة "ميلوني"..
السَّفير السِّيناوي هو الصُّندوق الأسود للعلاقات التونسية الإيطالية في أبعادها الدبلوماسية والسياسية والإعلامية، بحكم الوظائف السامية التي شغلها سفيرا في روما وقبلها ناطقا رسميا باسم رئاسة الحكومة ثم رئاسة الجمهورية مرافقا للرئيس الراحل سي محمد الباجي قائد السبسي رحمه الله.. بعد أن كان تخفَّف لسنوات من عبئ عضوية السِّلك الدبلوماسي والتَّفرِّغ تماما للعمل في القطاع الخاص للإسهام في بناء الامبراطورية الإعلامية للسَّيِّد نبيل القروي بالاعتماد على النَّموذج "البرلسكوني" لدخول السياسة عبر عالم المال والإعلام وبعضا من "العمل الخيري" المتلفز..
وهو الذي ترشَّح لاحقا (القروي) في رئاسيات 2019 وحاز المرتبة الثَانية أمام سياسيِّين محنَّكين، قبل أن يخسر خسارة مدوِّية في جولة الإعادة أمام الرئيس المباشر الأستاذ قيس سعيِّد، لما لحقه من تهم بشبهات فساد ولما تعرَّض له من تنكيل وهرسلة من طرف صديقه اللدود يوسف الشاهد، خصمه وغريمه في وراثة ما تبقى من شبكات ومقدرات "حزب النداء" والمترشح لذات الانتخابات لرئاسة الجمهورية، بعد رئاسة حكومة التوافق" والتي يسميها البعض "حكومة التَّنافُق" والَّتي "تشقلب" عليها وغيَّر أغلبيَّتها عند خسارة مساندة حزبه الأغلبي فيها وفتَّته وانشقَّ عليه في حركة بهلوانيَّة على الهواء لإشباع غريزة التَّشبُّث بالكرسي والبقاء في الحكم عوض رد الأمانة لأهلها..
وقد تمَّ اقتراح اسم السفير السيناوي في حكومة "تقعيد العود" التي فشل برلمان 2019 في تمريرها، بعد أن أوكل مهمة "تشكليها" (ويقول آخرون "تشليكها") للسيد الحبيب الجملي، الذي جيء به حينها من غياهب كهوف الغيب السياسي، وجلس "يركرك الشاي" طوال عشرات الساعات أحيانا وهو يصدِّق ترَّهات البعض وهذيان البعض الآخر ممَّن جاءت بهم أمواج وتموُّجات من جاء بهم..
كما يتداول اسم السفير السيناوي هذه الأيام، من بين أسماء أُخرى، في الأروقة والأقبية المقرَبة من الحُكم، لخلافة الوزير النَّفطي للخارجية في حكومة الرئيس السادسة والرابعة للتدابير الاستثنائي برئاسة المهندسة الزَّعفراني الزِّنزري..
وهي سانحة لبرلمان دستور الرئيس بغرفتيه برئاسة الثنائي "بودربالة ـ الدربالي"، وحتَّى للإعلام الحكومي والعمومي والخاص والمخصخص والخصوصي وحتَّى "الكرنكوكي" منه، للاستماع للسفير السيناوي، وسؤاله ومساءلته عن خفايا العلاقات التونسية الإيطالية، وبالأخص عن خفايا "تفاهمات روما"، وعن وكيفية إعادة البوصلة لتخرج "قرطاج" من الدور الذليل لحراسة "قلعة روما" و"القلعة الأوروبية"، وسُبُل العودة لجادة الطريق ولشاهد العقل الدبلوماسي ولمبادئنا وثوابتنا ومصالحنا في الانتماء لقارتنا السمراء إفريقيا التي نتشرف بأن أعطينا اسم بلادنا "إفريقية" ليكون اسم القارة بأسرها "إفريقيا"..
ولا ينبؤك مثل خبير..