"قضاء التآمر" يغتال العدالة في "ليلة السكاكين الطويلة"، تنفيذا وتطبيقا لهرطقات كراريس الفقيه الدستوري النازي "كارل شميت"، على الساعة الرابعة والنصف فجرا والناس نيام..
أسدلت "المسرحية القضائية" ستائرها الفاضحة الكاشفة في ما عرف إعلاميا "قضايا التآمر"، بإصدار أحكام قروسطية تتراوح بين 13 و25 و48 و66 سنة، من ثمن إلى ربع إلى نصف إلى ثلثي قرن (!!!).. وذلك بعد "شبه محاكمة" أقرب لمسرحية سوداوية هزلية هزيلة سمجة الإخراج لا علاقة لها بالعدالة، وبدون محاكمة وبدون تهم فعلية وبدون احترام القانون والإجراءات ولا أي من مقومات وضمانات المحاكمة العائلة، بل ولا حتى أدنى شروط المحاكمة "العادية" أصلا، وبشبه إجراءات مختصرة، وبدون حضور المتهمين وبدون شهود وبدون محجوز وبدون مكافحة وأخيرا بدون محاكمة..
أحكام أشبه بأحكام "القضاء النازي" أو الستاليني في ظلام الاستبداد النازي والستاليني الدامس، بما اصطلح عليه الفقيه الدستوري والفيلسوف النازي "كارل شميت"، منظر النازية لنظام "الرايخ الثالث" للفهرر المستبد النازي مجرم الحرب والمجرم ضد الإنسانية أدولف هتلر: قضاء "العدالة الإدارية" التي يقررها وينفذها "الفهرر" هو أسمى درجات القضاء ولا يخضع لمعايير العدالة المعتادة".. لأن "الفهرر" الرئيس الزعيم الملهم لا يخطئ، ولأن قضاءه هو أسمى درجات العدالة (!!!) وانه "لا معقب لحكمه" في تأليه صارخ من اليسوعي كارل شميت للمستبد الظالم أدولف هتلر.. كان ذلك دفاع الفقيه الدستوري النازي "الشميتي" عن جرائم "ليلة السكاكين الطويلة " باغتيال خصوم "الفهرر" هتلر والنظام النازي، ومن بينهم سياسيون ووزراء وفقهاء وأساتذة قانون ونخبة البلاد، وشملت عددا من أنصار ورموز وأصدقاء النظام النازي بل ومن رفاق الفهرر من الذين أصبحوا "غير مضمونين" ممن اعتبرهم نظام "الرايخ الثالث" و"الفهرر" المعصوم "غير صادقين" و"متساقطين على طريق الدعوة والحركة النازية لتصحيييح التاااريييخ"..
كل ذلك ليثبت الفيلسوف والفقيه الدستوري النازي أن النازية قادرة على سحق من تعتبرهم خصومها لإثبات النظرية "الشميتية" في كفاءة "دكتاتورية التدابير الاستثنائية" النازية وقدرتها على تنفيذ تهديداتها ضد خصومها ليكونوا عبارة لمن يعتبر ولتنعم النازية بالاستقرار عبر بث الرعب والخوف.. ولكنها انهارت بعد سنوات قليلة.. وحينها اعتبر الفقيه الدستوري النازي "شميت" أنه مجرد منظر فيلسوف ففيه صاحب أفكار، وانه لم يرتكب جرائم توجب المساءلة، بل المسؤولين هم من نفذوا أفكاره هم المجرمون القتلة الواجب محاكمتهم على جرائمهم.. و"يا" نفسه من معتقليه السوفيات الستالينيين ثم الأمريكان ثم من محكمة نورمبارغ لمحاسبة مجرمي الحرب الألمان، بعد إمضاء صفقة مع المدعي العام للمحكمة أعانه فيها على تفكيك المنظمة النازية مقابل شكل اسمه من التتبعات.. وأمضى صفقة لاحقا مع الإدارة الأمريكية للانتقال لإعانة حليفها وربيبها فرانكو أيام الحرب العالية الإسبانية، ومده بما لذ وطاب من نظريات عقله النازي لدعم الفرانكية، قبل أن تتوفاه المنية، ويصبح قبره وكراريسه مزارا ومرجعا للحركات النازية والفاشيستية ولأحزاب أقصى اليمين العنصري والمحافظين الجدد والشعبويين حول العالم..
أحكام "شميتية" جاءت فقط لإرضاء السلطة التنفيذية التي أقرت بأن المحالين من النشطاء السياسيين "نطقت أفعالهم بإدانتهم قبل المحاكم" اشهرا قبل المحاكمة وبأن من "يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم"..
هذه الأحكام هي إدانة للدولة وإدانة لرئيس الدولة رئيس السلطة التنفيذية رئيس كل الوظائف في دستور الرئيس، فجاءت وكأنها تنفيذ لرغباته وتوصياته وتصريحاته من حيث أريد لها أن ترفع عنه الحرج عبر "إلباسها" الصبغة "القضائية"..
وهي إدانة للعقل المدبر لقضاء التآمر الذي خطط له الثنائي "شرف الدين - جفال".. الأول "شرف الدين" الوزير الأسبق الداخلية في حكومات الرئيس الأولى وفي حكومة الرئيس الأولى والثانية للتدابير الاستثنائية وصاحب كنية "لا شرف ولا دين" التي اطلقتها عليه "قهرمانة القصر" مديرة الديوان الرئاسي المستقالة "عكاشة" وهي مثله من طينة عديمي الكفاءة والتجربة والخبرة والمروءة والأخلاق ومنزوعي "عقل الدولة".. والثانية "جفال" وزيرة العدل "الثابتة في الوزارة" مثل "مسمار جحا" في كل حكومات الرئيس المتعاقبة قبل وبعد التدابير الاستثنائية، والتي تلاحقها وزوجها ومحيطها الوزاري والإداري المقرب شبهات الفساد، أدى إلى إحالة بعضهم على أنظار العدالة عندما "فاحت" تجاوزاتهم وإخلالاتهم، في انتظار البقية مباشرة بعد "اقتلاع مسمار جفال" طال زمان الاستعمال الوزاري أم قصر قبل رميها كمنديل قذر راكم كل أنواع الأوساخ وكل أصناف النجاسة..
وهي إدانة لقاضي التحقيق الفار ولرئيس الشرطة العدلية الفار وللوشاة المحتالين من خريجي سجون الحق العام وللقاضي المحرج الذي جيء به من "قضاء العائلة" أيام سطوة "المافيا الطرابلسية" على الاقتصاد والقضاء والدولة والبلاد والعباد قبل أن يثور عليه الشعب في "انفجار ثوري غير مسبوق في التاريخ"، ولكل سلسلة القرار القضائي "الشميتي" المعدوم..
وهي إدانة بعدية لا تحتمل الأعذار لرئيس حكومة الرئيس الأولى "الفخفاخ" الذي تحيل على البرلمان وعلى الدولة وعلى القانون بالانحراف بالتفويض البرلماني لإصدار مراسيم مؤقتة لمجابهة "جائحة كورونا".. فاستغل غفلة الشعب والدولة بالإقدام وبصفة "فخفاخية" فاقدة للشرعية وللمشروعية على "تنقيح وإتمام مجلة الإجراءات الجزائية" (!!!)، بإضافة فصل معدوم عن "المحاكمة عن بعد".. وهو ما تم إخراجه من "العدم" واستعماله في "قضية" الحال (بسكون الضاد) لتبرير خرق ادنى شروط ومعايير المحاكمة..
وهي وإدانة صريحة لما اصطلح على تسميته "قضاء المذكرات الوزارية" للتعيين الوزاري للقضاة والممارسات المجاورة بدل "المجلس الأعلى للقضاء" الذي تم إحداث حالة شلل داخله عبر بعض "الحيل الشرعية" معدومة الشرعية والمشروعية..
وهي إدانة واضحة لما أصبح يعرف "قضاة الوزيرة جفال" لتركيع العدالة.. وتجسيد وإثبات علمي للفرضية الرياضية التي طالما رددها رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد مساعد القانون بالجامعات التونسية بأن "السياسة إذا دخلت قصور العدالة خربتها"..
وهي إيذان بقصور وسقوط "المنظومة الفقهية والدستورية والقانونية الشميتية" و"الممارسات النازية" التي تم جلبها وترجمتها من الكتب الصفراء و"إحياءها وهي رميم" وإسقاطها على تونس..
ولا يغرنك البوم عودة النزعة النازية والفاشيستية وموجة أقصى اليمين الشعبوي بشقوقه "الشميتي" النخبوي و"الشمايتي" البروليتاري الرث..
"فلا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للقيد إن ينكسر"
هكذا علمنا فيلسوف إرادة الحياة وسقى في عروق دماءنا إرادة الحياة..
فالمعركة اليوم هي بين تبع سيء الذكر "كارل شميت" "المشرعن" القانوني للنازية وظلمها "المدستر" وممارستها الاستبدادية والقمعية والفقيه الدستوري النازي والفيلسوف الرمز الفكري لحركات "المحافظين الجدد" في الأميركتين ولأحزاب أقصى اليمين العنصري النازي الفاشستي المعادي لنا معاشر التونسيين والعرب والمسلمين والأفارقة في الأوروبيتين، وبيننا نحن أبناء وأحفاد خالد الذكر فيلسوف "الحرية" وشاعر "إرادة الحياة" شاعرنا الوطني الكبير "أبو القاسم الشابي"..
"إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر"