ما الذي يدلّ على أن قيس سعيّد لا يدفَع نحو تأزيم البلاد وتعميق الهُوة بين المواطن والدّولة ؟ هل كان فعلا منذ توليّه الرئاسة رئيسا لكل التونسيين؟ هل كان حقيقةً على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية؟ هل كانت اجتهاداته للدستور صائبة، أي غير منحازة ووفيّة لروح الدستور؟
هل هو أكثر علما بالقانون الدستوري من أساتذته الذين علّموه والذين يتجاوزونه في البحوث وفي سلّم المعارف التي لم تكن – كما يبدو- مرماه طيلة مسيرته بالجامعة؟ هل هو حقًّا صمّام أمان للحفاظ على الدولة واحترام الدستور؟ هل قدّم مقترحات وجمّع بين الفرقاء ووحّد بين التونسيين؟
فما هو الإنجاز العظيم من استيراده التطعيمات وليس غيره؟ ألا يساهم بإرادة او دون ذلك في نشوب فوضى في بلد جريح كّلَّ ومَلّ الوعود؟ لماذا تقتصر استشهاداته على أقوال أكَل عليها الدّهرُ وشرب؟ ما هذه الشُّحنة من الغضب والعنف في خطاباته؟ أبهذه الطريقة سيطمئنُّ التونسيون على أموالهم وأجسادهم وأولادهم؟ أبهذا الخطاب ستجلب تونس الاستثمارات الأجنبية؟ أبهذا الخطاب سيكفّ الشباب عن الهجرة في قوارب الموت؟
هل معقول أن يفتتح اجتماعا رسميا مع ديبلومسيين وممثلين أجانب بالإعلان عن "عدم وجود جدول أعمال"؟ أبهذا الخطاب سيُحترم التونسيون في الخارج أيّا ما كانوا ؟ أريد أن أعرف هل هو جزء من الأزمة أم من الحل؟ ألا يعلم أنّ شروطه للحوار الوطني بمثابة الإعلان عن عدمه؟
ألا يعلم أنّه يؤخّر بالبلاد عشرات السنين اذا استمر على هذا النحو؟ أم له مشروع سياسي خاص به وبنطاقِ قدرات التجريد المحدودة للمروّجين له، ولن يتسنى له أن يجد مكانا في المشهد السياسي الا عندما تعمُّ الفوضى، ويرتفع منسوب التبلّد الذهني على معنى شومبيتير، وتنهار قيم الجمهورية ويفقد الناس الثقة في كلّ الطبقة السياسية وتُستضعف الدّولةُ وتُستدعى أي جهة أجنبية لإدارة شؤوننا مباشرةً أو بطريقة غير مباشرة ....