امران حدثا هذا الاسبوع في العالم شدّا انتباهي كتونسي وزادا في تساؤلاتي حول تطور واقع بلادنا في المنظور القريب :
الاول: في مقال نُشر يوم الخميس في "وولستريت دجورنل"، اعلن البنك الدولي عن تعليق نشر التقرير السّنوي حول الترتيب العالمي من حيث "ممارسة الاعمال" (Doing Business) وذلك على خلفية نتائج التحقيق الدّاخلي الذي أُجري حول المنهحية المُعتمدة في عاميْ 18-2017 والتي -حسب التحقيق- خضعت الى الضغوط الصينية، ثالث آكبر مساهم في راس مال البنك بعد امريكا واليابان، ممّا جعل الصين تتقدّم في الترتيب من 87 الى 75 على 190 دولة، مع ما ترتّب عن ذلك من تقدّم بعض الدول النامية مثل اذربادجان والامارات، وتأخّر البعض الاخر مثل التشيلي بمجرّد صعود اليسار الى الحكم.
وقد أشار الحائز على جائزة نوبل "بول رومر" إلى اسباب استقالته من البنك الدولي ككبير الاقتصاديين عام 2018، متّهما كبار مسؤولي البنك بعدم النزاهة. واذْ يساهم نشر الترتيب من حيث جودة بيئة الاعمال في دفع الدول على اعتماد الاصلاحات وبناء البنية التحتية اللازمة والتخفيف من البيروقراطية، فانه في نفس الوقت تعزيز للقوة الناعمة لدى الدول ذات الثقل في الديبلوماسية الاقتصادية. وفي نفس الوقت، يبدو ان نشر مثل هذه التقارير في الدول التي ليس لها لا قوة ناعمة ولا هي منخرطة في اصلاحات جدية ولا هي عاملة على تحسين البنية التحتية العمومية، فإنها حتما ستكون على هامش ما يحدث. اي انها غير معنية بأحداث تخصّ اغلبية الدول في العالم.
الثاني: حذّرت لجنة مراقبة الاسواق المالية في الصين الشعبية من مغبّة هروب رؤوس الاموال تحسّبًا لسياسة القطع مع التسهيل الكمي المزمع اتخاذه من الاحتياطي الفيدرالي الامريكي لمجابهة الضغوط التضخمية المنتظرة، كما اعلنت عن حزمة من التدابير الاحترازية لتجنّب ذلك قدر الامكان.
واشتغلت العديد من الصحافة المتخصصة على ايجابيات وسلبيات التسهيل الكمي للبنوك "الغربية" في الاقتصاد العالمي وعلى الاقتصادات الناشئة. وفي نفس الوقت اصدر هذا الاسبوع البنك المركزي للصين الشعبية تقريرا مفصلا -كنت احسبه من مراكز البحث العلمية الراقية لما يتضمّن من مناهج علمية حديثة تخضع للنظريات الاقتصادية كما للطرق الكمية المطوّعة للواقع الاقتصادي الصيني- يبيّن فيه ان النظام البنكي الذي يحتوي على حوالي 4500 بنكا محليا، فيه الثلث الذي يستحوذ على ثلثي القيمة السوقية للائتمان، قادر على مجابهة الصدمات انطلاقا من "اختبار اجهاد"، وثلث يمكن ان يتجاوز الصدمات وفق سياسات معينة، وثلث سيخضع الى معالجة واجراءات خاصة من البنك المركزي لانّ له نسبة مخاطر عليا جراء شحّ السيولة التي يمر بها اثر مساهمته في تمويل ميزانية الدولة.
بدون اطالة: السياسات الاقتصادية والاصلاحات والحوارات والنقاشات، انما تتعلق بالمستقبل وليس بالماضي.