بقطع النظر عن الرومنسية الثورية التي طغت على الخطاب عام ٢٠١١ وبداية عام ٢٠١٢، فانه من المهم الوقوف عند،
- عدم انخراط كل مكونات المجتمع وكل مجموعات الضغط وكل الحساسيات الفكرية وكل النخب في فرصة التغيير الحقيقي التي أُتيحت للشعب التونسي؛
- هناك من تردد في المضي قدما (وبخطى ثابتة وواضحة) في التغيير الحقيقي عمقًا ونطاقا، وهناك من لم يؤمن يوما بضرورة التغيير حرفيا بل عمل جاهدا على اجهاضه، وهناك من ناور لإجهاضه مقابل تصفية خصم سياسي، وهناك من عمل كغواصة طفحت على السطح عندما تأكدت من انتهاء الزوبعة،…
- من الاخطاء التي لن يسامح التاريخُ مرتكبيها،
(١) انّ الاقتصاد استُعمل كأداة في النزاعات السياسية وفي اجندات البحث عن الريع. وبما ان الفراغ الفكري قد هيمن على العديد من العقول، فان الآراء والتصريحات تكاد تكون مماثلة لنفسها بالرغم من التغيرات التي حصلت،
(٢) ان القيم الاجتماعية المحلية والكونية منها، والهوية والاخلاق زُجّ بها في اجندات المعارك السياسية وديست. وباعتبار العجز الفكري لقادة هذه المعارك، فان الخطاب قد تجاوز مداه بدون ابداع الى غاية مهاجمة القيم ذاتها والمعتقدات والمحطات المضيئة في تاريخ البلد؛
(٣) ان الدولة ومؤسساتها انتُهكت بدعوى انعدام الثقة فيها لدى المواطن. وباعتبار عدم الوعي بأهمية المرحلة وتحدياتها، فانّ التعاطي مع مؤسسات الدولة بات انتهازيا، اجرائيا محضاً، عقيما ومحدودا كمحدودية الوعي في العقل السياسي.
(٤) ان مسار الانتقال الذي يحتاج الى منطق ودوْر معينيْن اضحى من الملفات الاقل اهميّة واهتماما. وباعتبار هيمنة الايديولوجيا على فكر بعض الاحزاب، كُنّا نعتبرها أملَ المرحلة، فقد باتت قياداتهم قصيرة النظر، انتهازية اللحظة، عديمة البدائل، سطحية المبادرات، مريبة الشراكات، وهي التي انهت -الى حد الان- مشروع قصة رومنسية مع البلد الحبيب.