كلّ ما يُقال وما يُكتبُ ويُدرس في كل المعارف، شكلا ومضمونا، لا يستقيم ولا يُعتبرُ "صحيحاً" وليس "لا زما" ولا "عقلانيا" بالمعنى الهيجلي- الاّ في الوقت (الزمن) الذي قيل أو كُتب فيه. ومن ذلك الوقت يفقد أهميّته في الشهادة (على) والمواءمه مع الواقع لانّ هذا الاخير متحرّك ومتضمن لعدد متصاعد من العلاقات والتعقيدات.
هذا ما تفيد به علوم المناهج في اهتمامها بــ "تاريخية العلوم". وحيث أنّ غايةَ العلم، الذي هو البحث في جوهر الواقع، تطويعُ الواقع الجاري (الحالي) لإرادة الانسان، وليس العكس، حتى تمكّنه من الانعتاق من شتى مظاهر الاغتراب، فانّ دلالات الرجوع -الذي هو خارج التاريخ بالضرورة- الى دستورٍ كُتِب قبل أكثر من 60 عاما، بفكر وبرؤية وبتحديات وبوعي 60 عام مضت، خاصّةً وانّ الاحداث الاجتماعية أفضت الى تجاوزه، (1) التعسّف على الحاضر والتعلّق بالماضي الذي لن يعود (2) عدم الاستعداد للمساهمة في تراكمات الحاضر التي تحاكي المسار الايجابي للتاريخ، (3) دحض مُنجزات الجيل الحالي وعدم الاكتراث بوعيه.
ومن ناحية أخرى، حتى ولو كان في دستور 2014 نقائص وجب اصلاحها، خاصة تلك المتعلّقة :
(1) بغياب الرقابة على أداء البرلمانيين،
(2) عدم الموازنة بين الشرعية الانتخابية وهامش الصلاحيات الممنوحة للمُنتخَبين، و
(3) التضارب في المرجعيات التي هي نتاج مسار حديث تراكمت فيه التأثيرات الايديولوجية حيث أغلبها مستورد، فانّ ذلك يستدعي الاتجاه نحو الامام لا الرجوع الى المربّع الاول.
واعتقد أخيرا، أنّ الخروج من الازمة الاقتصادية والصحّية الحالية لا تحتاج الى دستور ولا نقاشات جوفاء ولا حوارات متلكّئة، بل المضي قدما نحو الحلول الميدانية الفورية والمباشرة…