تُنفق الشركاتُ الخاصة العالمية في مجال الاستثمار والوساطة والاستشارة أموالا طائلةً تُقاس بأرقام فلكية في البحث عن المعلومة "الدقيقة" المتعلقة بواقع القطاعات الانتاجية وبالجهات ومجموعات الضغط المؤثرة فيها وحتى الاشخاص بأسمائهم في البلدان، سواءً بالدراسات الميدانية أو بالاعتماد على التقارير الرّسمية أو بتوظيف محليين يرفعون لها تقارير وتحاليل دورية، يتمّ معالجتها وتحديد تقاطعها مع المعطيات والاتجاهات الاجتماعية والسياسية من خلال منظومة معلومات متطورة حتى تتكوّن لها فكرة ولو غير تامّة الدقة استجلاءً للفرص الاستثمارية الاستراتيجية المُحتملة في هذا البلد أو غيره.
وقد تُباع وتُشترى هذه البيانات والتقارير بأعلى الاثمان ولا تُنشرُ للعموم، وتستعملها مجموعات التفكير الاستراتيجي وبعض وكالات الانباء (العملاقة) العالمية الخاصة. وبالتوازي مع ذلك، تُنتظم اجتماعاتٌ شبه رسمية مثل "المنتدى الاقتصادي العالمي" السنوي حيث يتم ترقيم اداء مناخ الاستثمار على قاعدة معطيات واقعية، ولكن كذلك انطباعية قائمة على عيّنة من أراء رجال الاعمال المحليين وادراك الفساد…
ومع ذلك تُعتمد مُخرجاتُها من قِبل المستثمرين في العالم حتى ولو كان بعضُها انطباعيًا. فما بالك لو يكون تقييمُ مناخ الاستثمار في تونس قد عبّر عنه رسميا وبصريح العبارة رئيسُ الجمهورية بأنه غير ملائم للاستثمار في الوقت الذي أُدرج في برنامج الحكومة -على نواقصه- هدفُ تحسين مناخ الاستثمار وبرنامجٌ خاص به، وبدون التعرّض الى حلول ميدانية لموجهة ازمة المديونية الحالية سوى بتعليق عام مرتبط بالفساد والقضاء،
ويكون بالتالي قد اقتصر المسافة وخفف من التكلفة لهذه الشركات الاستثمارية ووكالات الترقيم والشركاء الاستراتيجيين وحتى المستثمرين المحليين والذين مازال لهم شيءٌ من الثقة بالاقتصاد الوطني ومؤسّساته، ولكن كذلك للشباب الفاقد للأمل….
أخيرا، دعوة الى الرئيس ان ينخرط فعليا في انقاذ البلاد وأن يكون رئيسا لكل التونسيين، مجمّعا لا مفرقا، رصينا لا متشنجا، مقدّمًا لحلولٍ عملية (تتعلق بمحاربة الفساد واستقلالية القضاء) لا واصفا لوضع يعرفه عموم الناس منه الموروث منذ عقود ومنه الجديدُ المستحدث.