(1) غريبٌ أن نشهد تدحرج التصنيف السيادي منذ سنوات وأن نطّلع على تقارير وكالات الترقيم العالمية من فِيتش وموديز وغيرها، ونعرف الاسباب خاصّة من عدم استدامة الدين العام وتدهور مؤشرات المخاطر ومحدودية السياسة البنكية وبالرغم من ذلك لا تُؤخذ أبسط الاجراءات – على غرار ما تقوم به العديد من الدول التي لها أقل راس مال بشري منّا- بإقامة فريق عمل متعدد الاختصاصات لتقديم توصيات سياسية للقائمين على الشأن العام ولمراقبة مؤشرات ومعايير الترقيم السيادي.
(2) غريبٌ أن يتواصل تدهور الترقيم السيادي، ويزيد الاستغرابُ من ذلك، وفي نفس الوقت تتواصل التصريحات الرسمية غير المدروسة في الفضاء العام فيرتفع مؤشر "المخاطر السياسية" الذي يؤثر سلبا على توقعات وتقديرات المستثمرين، فينكمش الاستثمار وتتراجع نسب النمو وترتفع نسبُ العجز ويضيق الحيّز المالي ويصبح الدَّينُ غيرَ مستدامٍ مثلما هو عليه الان، وفي نفس الوقت نبقى نبحث عن تمويل وتغطية الميزانيات التكميلية وفي نفس الوقت نناقش الاسئلة الخاطئة.
(3) غريبٌ أن تتراجع قوة الدولة المالية ويتقلص نطاقُ تدخّلها في الاقتصاد والاجتماع وتنحُو نفسَ النحو الجزئي في ادارة ماليتها سواءً بالوقوف عند "كتلة الاجور" اللعينة أو "الدعم" المذموم أو "الضريبة على دافعي الضرائب" سهلة التطبيق؛ النحو الذي أدّى الى ما نحن عليه الآن من هشاشة هيكلية في الاقتصاد الوطني.
(4) غريبٌ – على عكس العشرات من الدول في العالم، وأَعي ما أقول- أن يقدّم التونسيون من اقتصاديين وجامعيين وخاصّة الشباب المتحمّس منهم، بعضَ الحلول المقبولة ولا يُستمع لهم من القائمين على الشأن العام، بل يتمسّكون باختياراتهم التي أثبتت فشلها؛
(5) غريبٌ ألاّ ينشر القائمون على الشأن العام بيانا توضيحيا حيال هذا التدهور المتواصل والمرتقب في الترقيم السيادي وألاّ يعلنوا عن الاجراءات التي وجب اتخاذُها لتفادي ذلك في المستقبل؛